للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي يعتبر بياناً منهما هو أولهما وروداً، سواء علم أو جهل. إذ به يحصل التبيين (١)، ويخرج الأمر عن الإبهام. ويكون الثاني منهما مؤكّداً له ومقويّاً، كما تقدم عند ذكر أعلى أنواع البيان.

وهذا هو القول المعتمد.

وقيل يكونان بمجموعهما بياناً.

وقيل القول هو البيان، سواء تقدم أو تأخر، دون الفعل، لأنه أقوى من الفعل (٢).

هذا وقد قرّر الآمدي (٣) وبعض الأصوليين أن المتأخّر منهما إنما يجوز اعتباره تأكيداً للأول في حال استوائهما في القوة، وحال كون الثاني منهما أقوى. أما إن كان الثاني أضعف فلا يكون مؤكِّداً، إذ إنه يخلو من الإفادة، فيكون المجيء به عبثاً.

وبَنَى على ذلك أنه في حال العلم بأولهما وروداً يكون الثاني تأكيداً إنْ كان أقوى من الأول.

وفي حال الجهل بذلك، فالأشبه أن الأول وروداً هو الأضعف منهما، لئلا يلزم المحذور الذي أشار إليه.

وقد رفض السبكي هذه الطريقة، فرأى أن المتأخِّر يكون توكيداً ولو كان أضعف (٤).

والذي نختاره هنا قول السبكي.

ونزيد أن العرب لم تزل تؤكّد في كلامها الأقوى دلالة بالأضعف. كما في


(١) هكذا أطلق أبو الحسين البصري في المعتمد ص ٣٣٩ جعل المتقدم منهما هو البيان ولم يعرج على تفصيل.
(٢) نقله الشوكاني ص ١٧٣
(٣) الإحكام في أصول الأحكام ٣/ ٣٧ ونقله البدخشي ٢/ ١٥١ وأقره.
(٤) جمع الجوامع ٢/ ٦٨

<<  <  ج: ص:  >  >>