للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثال هذا القسم، ما روي (١) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرن فطاف طوافين، وسعى سعيين. وروي عنه أنه قال بعد نزول آية الحج: "من أحرم بالحج والعمرة، أجزأه طواف واحد، وسعي واحد عنهما، حتى يحلّ منهما جميعاً".

وفي المسألة ثلاثة مذاهب:

الأول: مذهب الرازي وابن الحاجب أن القول هو البيان، سواء تقدم أو تأخر. وقال به أيضاً أبو الخطاب الحنبلي (٢) وغيرهم.

ودليل هذا المذهب أن القول يدل بنفسه على أنه بيان، والفعل لا يدل إلاّ بالواسطة. وما يدل بنفسه أولى (٣). والقول هو الأصل في البيان، فينبغي أن يكون هو البيان.

ويكون الفعل الزائد عن القول، على هذا المذهب، كالطواف الثاني في المثال، ندباً، أو خاصاً به - صلى الله عليه وسلم -.

وقد نقل الزركشي (٤) عن ابن فورك، أنه يبني على هذا القول اشتراطاً معيناً في جواز اعتبار القول بياناً. فرأى أن الفعل إنما يأتي بياناً إن لم يكن هناك قول صالح للبيان، وإلاّ لم يرجع إلى الفعل.


(١) أما الفعل ففي صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرن فطاف طوافين- طواف القدوم وطواف الزيارة يوم النحر. وسعى سعياً واحداً بعد طواف القدوم، ولم يسع بعد طواف الزيارة. هذا ما يؤخذ من حديث جابر وغيره. وقد روى النسائي عن علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرن فطاف بالبيت طوافين، وسعى سعيين".
وأما القول فما أخرجه أحمد من حديث ابن عمر بلفظ "من قرن بين حجته وعمرته أجزأه لهما طواف واحد". ولم يذكر السعي (الفتح الكبير) وروى الترمذي وابن ماجه عن ابن عمر أيضاً أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أحرم بالحج والعمرة أجزأه طواف واحد وسعي واحد عنهما، ولم يحل حتى يقضي حجه ويحل منهما جميعاً" (الفتح الكبير).
(٢) التمهيد ق ٩٢ أ.
(٣) الشوكاني: إرشاد الفحول ص ٧٣
(٤) البحر المحيط ٢/ ٨١ أب.

<<  <  ج: ص:  >  >>