للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإجماع على العصمة من تعمد الصغائر والكبائر. كما حكى عمّن سمّاهم (الحشْويّة) -ولعلّه يقصد أصحاب الحديث- إجازتهم صدور الكبائر سهواً وعمداً. وحكى عن الفُضَيْليَّة جواز صدور الكفر عنهم. وأيضاً حكى الزركشي في البحر المحيط، عن مالك وعن ابن السمعاني، صحة وقوع الصغائر منهم. وتُتدارك بالتوبة (١).

وابن تيمية حكى الإجماع، ولكن جعله إجماعاً على امتناع إقرار الأنبياء على الذنوب، وعلى امتناع استقرار الخلف في التبليغ، دون ما سوى ذلك.

وهكذا نرى أن ما يتحقق فيه الإجماع هو العصمة من الإقرار على الذنوب الكبائر المتعمدة، ومن استقرار الخلف في التبليغ.

٥ - دليل اقتضاء المعجزة للعصمة: وهو دليل عقلي. وبه أخذ ابن فُورَك والغزالي، فيما خالف مقتضى المعجزة.

قال الغزالي: "كل ما يناقض مدلول المعجزة فهو محال عليهم بطريق العقل. ويناقض مدلول المعجزة جواز الكفر، والجهل بالله تعالى، وكتمان رسالة الله، والكذب والخطأ والغلط فيما يبلغ، والتقصير في التبليغ، والجهل بتفاصيل الشرع الذي أمر بالدعوة إليه".

قال: "أما ما يرجع إلى مقارفة الذنب فيما يخصه، ولا يتعلق بالرسالة، فلا يدلّ على عصمتهم منه دليل العقل، بل دليل التوقيف والإجماع" (٢) اهـ.

إذن فدلالة المعجزة على العصمة دلالة صحيحة، ولكنها دلالة محدودة بدعوى الرسالة وما وقع عليه التحدي، وما يستقر في الشرع مما يبلغه - صلى الله عليه وسلم - بقوله أو فعله، دون سائر الأقوال والأفعال.

٦ - دليل عقلي: إن الذنوب تنافي الكمال، وأن الأنبياء لكرامتهم على الله لا يصدر عنهم ذنب (٣).


(١) البحر المحيط ٢/ ٢٤٦ أ.
(٢) المستصفى ٢/ ٤٩
(٣) جمع الجوامع ٢/ ٩٥

<<  <  ج: ص:  >  >>