للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد أنكر عليهم مخالفته فيما يفعله، وذلك دالّ على المطلوب.

ثم أخبرهم بما يفعله هو، وغرضه أن يقتدوا به في ذلك، وفي هذا دلالة أخرى.

ثم وضع قاعدة عامة "من رغب عن سنتي فليس مني" ولفظ (السنة) هنا عام، وقد ورد على سبب معين هو الاقتداء بالأفعال، وقد تقرر في علم الأصول أن صورة السبب قطعيّة الدخول في العام. فثبت المطلوب. ويدلّ ذلك على أن الأفعال النبوية جزء من السنة النبوية يحتج به كما يحتج بالأقوال.

الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا عرض الأمر الذي هو بحاجة إلى بيان حكمه، يذكر للقوم أحياناً، أن يفعله (١)، ويرى ذلك كافياً في البيان. ولا يكون كافياً ما لم يكن متقرّراً أن فعله دليل وحجة. ومن ذلك على سبيل التمثيل لا الحصر:

١ - حديث جبير بن مطعم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صفة الغسل، أنه قال: "أما أنا فأفيض على رأسي ثلاثاً". وأشار بيديه كلتيهما (٢).

وروي مثله من حديث جابر (٣).

٢ - وحديث أنس: "إني لأتوب إلى الله تعالى في اليوم سبعين مرة" (٤).

٣ - وحديث أبي رافع: "إني لا أخيس بالعهد ولا أحبس البُرُد" (٥).

٤ - وحديث عائشة أن رجلًا قال: يا رسول الله، تدركني الصلاة وأنا جنب، فأصوم؟ قال: "وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم" (٦).


(١) ابن تيمية: الفتاوى الكبرى ١٨/ ٩
(٢) البخاري (فتح الباري ١/ ٣٦٧) ومسلم وأصحاب السنن (الفتح الكبير).
(٣) أحمد ومسلم (الفتح الكبير).
(٤) النسائي وابن حبان (الفتح الكبير).
(٥) أحمد وابن حبان أبو داود والنسائي (الفتح الكبير) والبرد جمع بريد، وهو الرسول.
(٦) أحمد ومسلم (نيل الأوطار ٤/ ٢٢٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>