للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من العلماء من ذهب إلى أن كرامة الولي لا تقع بقصد منه، بل تقع له دون قصد (١).

ومنهم من أجاز وقوعها بالقصد. ومن هؤلاء القشيري (٢)، والشاطبي. فقد أجاز للمؤمن أن يعمل لإيقاعها (٣). ولكن ذلك عنده في موضع الرخص، والعزيمةُ عنده الدخول في الأسباب المعتادة. وإذا طلب وقوع الخارق فليطلبه لمعنى شرعيّ، لا لحظ نفسه. والحجة عند الشاطبي ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يظهر المعجزات طلباً لإيمان الكافرين، وتقوية ليقين المتقين (٤)، وأفعاله - صلى الله عليه وسلم - يقتدى بها.

ونحن نرى أن الكرامات لا تقع على سبيل القصد، وما يقع منها يقع ولا يعلم المؤمن به إلا بعد وقوعه.

ودليلنا على ذلك أن المعجزات خصائص للأنبياء، والأصل في الخصوصية عدم الاقتداء.

وأيضاً فإن دليل إمكان خرق العادات على سبيل الكرامات هو وقوعها. وباستقراء ما وقع منها لغير الأنبياء مما صح نقله يتبين أنه وقع لهم دون قصد. كنوم أهل الكهف، وإنزال الطعام على مريم، وإضاءة السوط لعباد بن بشر وأسيد بن حضير، وتنزّل السكينة لأبيّ بن كعب.

ومن العلماء من أجاز للوليّ أن يتحدى بالخارق لإثبات ولايته، كما يتحدّى النبي بالمعجزة لإثبات نبوّته (٥)، بأن يقول: "أنا وليّ الله سبحانه، وآية ولايتي


(١) نقله الجويني في الإرشاد ص ٣١٦ ونقله محمد عليش: هداية المريد، وشرحه للسنوسي ص ١٧٧
(٢) الرسالة القشيرية ص ٦٦٢
(٣) الشاطبي: الموافقات ١/ ٣٥٥
(٤) الشاطبي: الموافقات ٢/ ٢٧٨ ومقصده بالعمل لحصول الخارق أن يطلبه بالدعاء ولا يجوز عنده أن يؤدي العبادة بنية حصول الخارق.
(٥) الشاطبي: الموافقات ١/ ٣٥٥ و٢/ ٢٥٣

<<  <  ج: ص:  >  >>