للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما ما يختصّ به - صلى الله عليه وسلم - عن سائر النبين، فمنشؤه كون رسالته أهم، لأنها أعمّ بالنظر إلى المدعوين، إذ كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - مبعوث إلى الثقلين الإنس والجنّ. وبالنظر إلى الزمان، إذ رسالته - صلى الله عليه وسلم - هي الخاتمة، فوقتها مستمر إلى قيام الساعة.

فالخصائص إذن ناشئة من طبيعة الرسالة، ودائرة حولها، لتتم حكمة الله بأداء الرسالة على أفضل حال.

والوجوه التي عليها تخدم الخصائص الرسالة يظهر لنا أنها كما يلي:

الأول: الإعداد للرسالة قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذلك كأخذ الله تعالى الميثاق على الأنبياء أن يؤمنوا به (١) ليأخذوا هم الميثاق على أقوامهم، ويكون ذلك داعياً للأمم إلى قبول رسالته - صلى الله عليه وسلم -.

ومن هذا أيضاً ما حصل قبل المبعث من الإرهاصات بنبوته، والبشائر التي وقعت عند بعثته.

الثاني: توثيق رسالته، ومن ذلك ما خصّه الله تعالى به من المعجزات، والعصمة من المعاصي، وخاتم النبوّة بين كتفيه - صلى الله عليه وسلم -، ومنعه من الكتابة وقول الشعر.

ومن ذلك ما أخبر به من المغيبات التي تقع بعد وفاته، لتبقى دلائل التصديق والثقة مستمرة بعده، بتجدد تحقق ما أخبر به - صلى الله عليه وسلم -.

ومن ذلك أيضاً في أحكام أفعاله: تحريم الصدقة عليه، لئلا يظن به أنه أتى بما أتى به لتحصيل مال. وتُمِّم بالحكم بأنه لا يورث، حتى تقطع الأمة بأنه لم يحصِّل برسالته منهم لآله مالاً {إن هو إلاّ ذكرى للعالمين} (٢).


(١) انظر سورة آل عمران: آية ٨١
(٢) سورة الأنعام: آية ٩٠

<<  <  ج: ص:  >  >>