للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن انضم إليه شيء من ذلك وجَبَ بيانه لئلا ينضمّ إلى الواجب ما ليس منه. وليعتبر في ذلك ببيان النبي - صلى الله عليه وسلم - مواقيت الصلاة، فقد صلّى في اليوم الأول في أول الوقت، وصلّى في اليوم الثاني في آخر الوقت، وقال: الوقت ما بين هذين.

وأيضاً قال - صلى الله عليه وسلم - في عرفات: وقفت هنا وعرفة كلها موقف. وقال في مزدلفة: وقفت هنا وجمع كلها موقف. وقال في نحره بمنى: نحرت هنا فجاج مكة كلها منحر. لئلا يتوهم الاختصاص بالموضع الذي وقف فيه أو نحر.

أما الفعل الامتثالي فلا يلاحظ فيه ما يلاحظ في الفعل البياني. بل هو امتثال مجرد، فيداخل الواجب ما ليس منه ليُفعل على وجهٍ أكمل. فهو أضعف دلالة من الفعل البياني.

٣ - وقد يتبيّن بالفعل الامتثاليّ مجمل أو نحوه.

فعقوبته - صلى الله عليه وسلم - للسارق بقطع يده من المفصل، يستفاد منها أمران:

الأول: تأكيد أصل وجوب القطع المستفاد من الآية.

والثاني: وجوب أن يكون القطع من المفصل. فلا يكفي قطع الأصابع مثلاً، ولا يجوز التجاوز بقطع الساعد. فقد تبيّن به موضع القطع.

ووجه استفادة هذا الحكم الثاني أن (اليد) في الآية لفظ (مجمل) على قولٍ، لاحتمال أن يكون المراد الذراع كلها، أو الكف. وعلى القول الآخر الظاهر من لفظ (اليد) الذراع (١)، وعلى كل فقد تبيّن بهذا الفعل الامتثالي أن المراد به في الآية الكف.

ووجه تبيُّن ذلك من الفعل، أن الواجب لو كان أقلَّ، لكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد زاد على الواجب، وهذا ممتنع لتحريم دم المسلم بغير حق.

ولو كان الواجب أكثر لكان - صلى الله عليه وسلم - قد نقص، ولم ينفّذ كلّ ما أمر الله به، وذلك ممتنع.


(١) انظر القولين في حاشية ابن أبي شريف ص ١٧٥ البناني: حاشية جمع الجوامع ٢/ ٩٧

<<  <  ج: ص:  >  >>