للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - ومنها آية التأسّي، وقد تقدم إيضاح وجه دلالتها على الوجوب.

والقائلون بالندب نَفَوْا دلالتها على الوجوب، لقوله تعالى: {لقد كان لكم} ولم يقل {عليكم} (١).

والجواب أن قوله تعالى: {لمن كان يرجو الله واليوم الآخر} بدل من (لكم) فيؤول المعنى إلى أنّ: من كان مؤمناً فله برسول الله أسوة حسنة. وفي مفهومه تهديد ووعيد لمن ترك ذلك، والتهديد يدل على الوجوب.

وأجاب السمعاني (٢) أن الذي لنا هو الأجر، فالأسوة لنا من هذا الوجه لا من غيره. وهو جواب سديد، ويؤيده ما في حديث الإسراء: "فأعطاني خمس صلوات". فهي فرائض، وهي عطاء، أي ما في فعلها من الأجر. وأجاب أبو الحسن البصري (٣) بأن قولك: "لنا أن نفعل" معناه: لا حظر علينا في فعله، والواجب ليس بمحظور فعله.

وأجاب القاضي أبو يعلى: بأن (لهم) بمعنى (عليهم). كقوله تعالى: {لهم اللعنة} وليس هذا الجواب مرضياً، إذ هو خلاف. الظاهر.

٣ - ومنها ما تقدم من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من رغب عن سنتي فليس مني". في سياق مساواته - صلى الله عليه وسلم - في أحكام أفعاله.

وأما الثاني: وهو اقتضاء التأسيّ والاتباع المساواة في أحكام الأفعال: فإن مفهوم المتابعة والتأسي الموافقة والمساواة، وذلك كما هو معتبر في صورة الفعل، يعتبر أيضاً في حكمه.

وقد أنكر القائلون بالندب، والقائلون بالوجوب، اقتضاء التأسّي والمتابعة المساواة في الحكم. وسبق جوابه. فيثبت المطلوب.


(١) المحقق ق ٢٧ أ.
(٢) القواطع ق ٦ - ب.
(٣) المعتمد ١/ ٣٨٠

<<  <  ج: ص:  >  >>