للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما في قصة أكله - صلى الله عليه وسلم - من لحم العنبر الميت. وقصة أكله - صلى الله عليه وسلم - من لحم شاة تصُدّق به

على بريرة فأهدت إليه منها.

ومثل تشبيكه - صلى الله عليه وسلم - بين أصابعه في المسجد بعد الصلاة، كما في حديث ذي اليدين، يدل على إباحته وعدم القياس على ما ورد من نهيه - صلى الله عليه وسلم - القادم إلى المسجد عن التشبيك (١).

ومثل خروجه من المسجد دون تيمم، عندما تذكر أنه جنب، وقد أوجب بعض الفقهاء التيمّم في مثل هذه الحال (٢). ومثل إخراجه - صلى الله عليه وسلم - رأسه إلى عائشة لترجّله وهي حائض وهو معتكف في المسجد. فقد تبين به أنواع من المباحات.

ومن هنا كثر نقل الصحابة للأفعال التي من هذا النوع لبيان الإباحة حيث يُظَنّ المنع، كما في أحاديث مسح الخفين، كثر نقلها لما في الآية من الأمر بالغسل، بل كثيراً ما كان ظن التحريم لأمر من الأمور من بعض الناس، حافزاً للصحابة على رواية الأفعال لإثبات الإباحة. وبهذا السبب ظهر جزء كبير من السنن.

الثالثة: إثبات الجواز في ما الأصل فيه المنع. وهي قاعدة مهمة جداً في باب العبادات، فإن الأصل فيها المنع كما تقدم، فلا يعبد الله إلا بما شرع، وحيث فعل - صلى الله عليه وسلم - العبادة الخاصة علم أنها جائزة من أصلها، ولو فعل العبادة في حال معينة أفاد جواز فعلها في تلك الحال، كالصلاة على الميت الغائب، وفعل صلاة الفرض على الراحلة عند المطر إذا كانت الأرض مبتلّة، وفعل النافلة على الراحلة، وأنه يتجه حيثما توجهت ركابه.


(١) انظر فتح الباري ١/ ٥٦٦
(٢) ابن حجر: فتح الباري ١/ ٣٨٣

<<  <  ج: ص:  >  >>