للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجل سرق رداء صفوان. فالسبب هنا هو السرقة. ولا يجوز الاقتداء به - صلى الله عليه وسلم - في قطع يد إنسان ما لم يوجد سبب القطع، وهو السرقة. فإذا وجد ذلك السبب وجب الاقتداء بإقامة الحد على السارق.

ومثاله أيضاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف يصلي بأصحابه، فذكر أنه جنب، فانصرف فاغتسل ثم جاء، فلم ينصرف أحد منهم ليغتسل. ووجه ذلك أن سبب الغسل وهو الجنابة، وجد في حقه هو، ولم يوجد في حقهم. وإنما يقتدي به في ذلك من وجد في حقه السبب المماثل.

ومثال ثالث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قرأ عام الفتح سجدة، فسجد الناس كلهم، منهم الراكب والساجد في الأرض، حتى إن الراكب ليسجد على يده" (١).

يحتمل أنهم سجدوا لكونه - صلى الله عليه وسلم - قرأ سجدة التلاوة، أو سجدوا لكونه قارئاً ساجداً للتلاوة.

فعلى الاحتمال الأول يسجد كل من استمع للقراءة التي فيها السجدة، سواء سجد القارئ أو لم يسجد.

وعلى الاحتمال الثاني: يسجد المستمعون إن سجد القارئ، ولا يسجدون إن لم يسجد.

ويظهر أن مذهب البخاري الأخذ بالاحتمال الثاني، فقد بوّب على الحديث: (باب من سجد لسجود القارئ) واحتجّ بقول ابن مسعود للقارئ اسجد فأنت إمامنا فيها.

ومن الحجة لذلك أيضاً رواية زيد بن أسلم، أن غلاماً قرأ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - السجدة. فانتظر الغلام النبي - صلى الله عليه وسلم - أن سجد، فلما لم يسجد قال: يا رسول الله! أليس في هذه السجدة سجود؟ قال: "بلى، ولكنك كنت إمامنا فيها ولو سجدت لسجدنا" (٢).


(١) رواه البخاري. فتح الباري ٢/ ٥٥٦
(٢) رواه أبن أبي شيبة (فتح الباري ٢/ ٥٥٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>