للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا يكون المستفاد من الفعل النبوي جواز ذبحه في مكان الإحصار في حالة عدم القدرة على إرساله إلى الحرم. والله أعلم.

المثال الثاني: إقامة صلاة الجمعة بالقرى.

قال الحنفية: لا تقام إلا بمصر جامع.

وقال الشافعية والحنابلية والمالكية: تقام بالقرى.

احتج الحنفية بحجج منها: كما في بدائع الصنائع، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقيم الجمعة بالمدينة، وما روي إقامتها حولها، وكذا الصحابة رضي الله عنهم، فتحوا البلاد، وما نصبوا المنابر إلا في الأمصار (١).

واحتج الآخرون بحجج منها ما روي عن ابن عباس، أنه قال: "إن أول جمعة جُمعت بعد جمعةٍ في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسجد عبد القيس بجواثى من قرى البحرين" (٢).

وقال الحنفية في رد هذا الاستدلال: القرية في عرف المتقدمين المصر، المثال الثالث: جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة، وهو جالس بين أصحابه. فوهبت نفسها له ليتزوجها، فكأنه لم يرد ذلك، فقال بعض أصحابه: إن لم يكن لك بها حاجة فزوِّجنْيها، فزوَّجَه بها، وفي رواية: كان ذلك في المسجد (٣).

واضح أن الفعل يدل على الجواز، فلا حرج في إجراء عقد النكاح في المساجد. ولكن لا يصح القول بأنه مستحب فيها، لعدم الدليل على ذلك.


(١) بدائع الصنائع ١/ ٢٦١
(٢) رواه البخاري وهذا لفظه. ورواه أبو داود بمعناه (جمع الأصول ٦/ ٤٤٣)
(٣) فتح الباري ٩/ ٢٠٦

<<  <  ج: ص:  >  >>