والذي نقوله إن إتباع الهيئة، إذا لم يُدَلّ عليها إلا بالفعل النبويّ المجرد، لا يزيد عن أن يكون مستحباً.
فأما إن كان الفعل بياناً لهيئة مأمور بها فيدل على وجوب تلك الهيئة، وذلك كما أن الله أمر بالسجود، فعلّمنا النبي - صلى الله عليه وسلم - السجود بهيئته المطلوبة التي يتحقق بها كونه سجوداً. لكن ما خرج عن تبين حقيقة السجود من الهيئات، كالتّخْوِيَة، وضمِّ الأصابع، وتوجيهها إلى القبلة، فيكون مستحبّاً لا غير، أخذ من قاعدة الفعل المجرد الذي ظهر فيه قصد القربة، فهي وإن كانت من أجزاء الصلاة، إلا أنها في ذاتها أفعال يراد بها القربة، إذ إنها تعين على الخشوع واستحضار التوجه إلى الله.
وكذلك هيئة الطواف. فقد تبين بفعله - صلى الله عليه وسلم - وجوب البدء من عند الحجر الأسود، وجعل البيت عن يساره وهذا ما يتحقق به كون الفعل طوافاً. وأما ما زاد عن ذلك كالرمل بين الركنين والاضطباع، والأذكار، فهي أمور خارجة عن حقيقة الطواف، فتكون من قبيل الأفعال المجردة، ويقتدى بها استحباباً إن وضح أن المراد بها القربة.