التيامن ما استطاع في طهوره وتنعّله وفي شأنه كله". فإن المحبّة والكراهية ونحوهما ليست مما يرى.
كما أن بعض الأفعال لا تقع دفعة واحدة، وإنما يقع من الفعل أجزاء مختلفة في أزمان متفاوتة، فيجمع الصحابي بعض تلك الأجزاء إلى بعض، ليكوّن منها صورة متكاملة للواقعة أو العادة. وقد يكون ذلك التجميع على قدر كبير من المطابقة للواقع، ولكن قد يفوت الراوي بعض التفصيلات التي تكمل الصورة، ويكون لذلك أثر في الأحكام المستفادة.
فمن ذلك الجمع قول أنس: "كان إذا كان يوم عيد خالف الطريق" (١) فإن هذا، إن لم يكن أصله من قوله - صلى الله عليه وسلم -، يقتضي أن أنساً لاحظ طريق ذهابه - صلى الله عليه وسلم -، ثم طريق رجوعه، والمخالفة بينهما، ولاحظ ذلك في عيد ثانٍ وثالث، حتى استطاع أن يخبر عن هذه العادة من فعله - صلى الله عليه وسلم -.
ومثله قول أنس أيضاً: "كان إذا كان مقيماً اعتكف العشر الأواخر من رمضان. وإذا سافر اعتكف من العام المقبل عشرين".
وقول ابن مسعود: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخوّلنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا".
ومما تبيّن فيه خفاء بعض التفصيلات على الراوي قول أبيّ: "الصلاة في الثوب الواحد سنة، كنا نفعله مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يعاب علينا". فقال ابن مسعود: "كان ذاك إذ كان في الثياب قلة، فأمّا إذ وسّع الله عليكم فالصلاة في الثوبين أزكى".