للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - الهمّ: وهو أن يترجّح عنده قصد الفعل على قصد الترك. قال الحماسي:

إذا همَّ ألقَى بين عينيه عزمه ... ونكبّ عن ذكر العواقب جانباً

فالهمّ قبل العزم.

ثم قد يعدل عما همّ به لخطور أمر آخر بباله يرجح الترك. وقد يعزم.

٥ - العزم: وهو قوة قصد الفعل وانعدام قصد الترك، وذلك بعد أن يكون التردد قد انتهى ولم يبق إلا الاستعداد وإمكان الفرصة. قال الله تعالى: {وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكّل على الله}. وقال الليث: العزم ما عقد عليه قلبك من أمرٍ أنك فاعله.

وقد بيّن في المواقف وشرحه العزم، بما يجعله هو والهمّ شيئاً واحداً، قال: "العزم هو جزم الإرادة، بعد التردّد الحاصل من الدواعي المختلفة المنبعثة من الآراء العقليّة، والشهوات والنفرات النفسانية. فإن لم يترجح أحد الطرفين حصل التحيّر، وإن ترجح حصل العزم". قال: "والعزم قد يكون سابقاً على الفعل" (١).

ثم قد يعدل عن الفعل لطروء أمر خارجيّ لم يكن قد حسب حسابه، أو لأمر ذكره كان له ناسياً. وقد ينحلّ عزمه لا لشيء. تقول العرب: "فلان ما له عزمة ولا عزيمة". أي لا يثبت على أمر عزم عليه.

وهذه الألفاظ الخمسة ليست في الاستعمال متباينة تمام التباين وقد يستعمل أهل اللغة بعضها في مكان بعض.

ثم إن المرتبتين الأوليين، إذا وقعتا من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا دلالة فيهما قط. لأنهما من قبيل الفعل الجبليّ غير الاختياري. فإنهما يردان على النفس دون قصد.

وأما حديث النفس، فإنه لأجل ما فيه من التردّد بين الأمرين، وعدم الميل إلى أحدهما، لا يعتبر دليلاً شرعياً.


(١) ٦/ ١٣٣

<<  <  ج: ص:  >  >>