للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفعل، لا إن تقدم الفعل، أو جهل الحال فإن تقدم الفعل وجب اعتقاد الفعل منسوخاً. وإن جهل الحال فالأشبه أن يكون الفعل متقدماً في الزمان ويكون منسوخاً.

والصحيح ما اختاره الحافظ العلائي، لأن منصب النبي - صلى الله عليه وسلم - منصب البيان والتشريع، وأفعاله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك هي موضع القدوة والأسوة، فيقتدى بها حيث أمكن.

وإنما يمكن حملها على التخصيص إذا ظهر أنه - صلى الله عليه وسلم -، إنما خالف قوله لسبب معيّن، أو أمكن تعقّل معنى مناسب، يكون مناطاً لحكم الفعل. فإن لم يمكن ذلك وجب المصير إلى النسخ.

ومن أمثلة التخصيص ما ورد من حثّه - صلى الله عليه وسلم - على صيام يوم عرفة، وترغيبه فيه، ثم أفطر بعرفة لما كان واقفاً بها. وقد أفطر وهو على بعيره ليراه الناس فكان هذا الفعل مخصصاً لحثه وترغيبه في الصيام، بالنسبة إلى ذلك المكان لمعنى يخصّه لا يوجد في غيره، وهو التقوِّي بالفطر على الاستكثار من الدّعاء، وذكر الله تعالى في ذلك الموقف الشريف (١).

فإن لم يمكن الجمع والتخصيص تعارض القول والفعل، ووجب المصير إلى إبطال أحد الدليلين، أو التوقف.

ونبدأ بتحقيق الظروف التي لا يتحقق التعارض دون توفرها.


(١) تفصيل الإجمال ق ٥٣ ب. المحقق ص ٤٩

<<  <  ج: ص:  >  >>