للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْقَوْلِ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ فَذَهَبَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْغُلُولَ الصدقة وَالْغَنِيمَةَ لَا يُوجِبُ غَرَامَةً فِي الْمَالِ وَهُوَ مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ فِي الْغَنِيمَةِ إِنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُحَرِّقَ رَحْلَهُ وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ

وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الرَّجُلِ يَحْمِلُ التَّمْرَةَ فِي أَكْمَامِهَا فِيهِ الْقِيمَةُ مَرَّتَيْنِ وَضَرْبُ النَّكَالِ

وَقَالَ كُلُّ مَنْ دَرَأْنَا عَنْهُ الْحَدَّ أَضْعَفْنَا عَلَيْهِ الْعَزْمَ

وَاحْتَجَّ فِي هَذَا بَعْضُهُمْ بِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ الْمَكْتُومَةِ غَرَامَتُهَا وَمِثْلُهَا وَالنَّكَالُ وَفِي الْحَدِيثِ تَأْوِيلٌ آخَرُ ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَقَّ يُسْتَوْفَى مِنْهُ غَيْرَ مَتْرُوكٍ عَلَيْهِ وَإِنْ تَلِفَ مَالُهُ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا شَطْرٌ كَرَجُلٍ كَانَ لَهُ أَلْفُ شَاةٍ فَتَلِفَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلَّا عِشْرُونَ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ عَشْرُ شِيَاهٍ لِصَدَقَةِ الْأَلْفِ وَهُوَ شَطْرُ مَالِهِ الْبَاقِي أَيْ نِصْفُهُ وَهَذَا مُحْتَمَلٌ وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ غَيْرُهُ مِمَّنْ قَدْ ذَكَرْنَاهُ وَفِي قَوْلِهِ وَمَنْ مَنَعَنَا فَإِنَّا آخِذُوهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ فَرَّطَ فِي إِخْرَاجِ الصَّدَقَةِ بَعْدَ وُجُوبِهَا فَمَنَعَ بَعْدَ الْإِمْكَانِ وَلَمْ يَرُدَّهَا حَتَّى هَلَكَ الْمَالُ أَنَّ عَلَيْهِ الْغَرَامَةَ انْتَهَى

[١٥٧٦] (مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً) فِيهِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

مِنْ إِدْخَاله فِي الثِّقَات تَمَّ كَلَامه

وَقَدْ قَالَ عَلَيَّ بْن الْمَدِينِيّ حَدِيث بَهْز بْن حَكِيم عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه صَحِيح

وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد بَهْز بْن حَكِيم عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه صَحِيح وَلَيْسَ لِمَنْ رَدَّ هَذَا الْحَدَث حَجَّة وَدَعْوَى نَسْخه دَعْوَى بَاطِلَة إِذْ هِيَ دَعْوَى مَا لَا دَلِيل عَلَيْهِ وَفِي ثُبُوت شَرْعِيَّة الْعُقُوبَات الْمَالِيَّة عِدَّة أَحَادِيث عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَثْبُت نَسْخهَا بِحَجَّةٍ وَعَمِلَ بِهَا الْخُلَفَاء بَعْده وَأَمَّا مُعَارَضَته بِحَدِيثِ الْبَرَاء فِي قِصَّة نَاقَته فَفِي غَايَة الضَّعْف فَإِنَّ الْعُقُوبَة إِنَّمَا تَسُوغ إِذَا كَانَ الْمُعَاقَب مُتَعَدِّيًا بِمَنْعِ وَاجِب أَوْ اِرْتِكَاب مَحْظُور وَأَمَّا مَا تَوَلَّدَ مِنْ غَيْر جِنَايَته وَقَصْده فَلَا يَسُوغ أَحَد عُقُوبَته عَلَيْهِ وَقَوْل مَنْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيل الْوَعِيد دُون الْحَقِيقَة فِي غَايَة الْفَسَاد يُنَزَّه عَنْ مِثْله كَلَام النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْل مَنْ حَمَلَهُ عَلَى أَخْذ الشَّطْر الْبَاقِي بَعْد التَّلَف بَاطِل لِشِدَّةِ مُنَافَرَته وَبُعْده عَنْ مَفْهُوم الْكَلَام وَلِقَوْلِهِ فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْر مَاله

وَقَوْل الْحَرْبِيّ إِنَّهُ وَشُطْر بِوَزْنِ شُغْل فِي غَايَة الْفَسَاد وَلَا يَعْرِفهُ أَحَد مِنْ أَهْل الْحَدِيث بل هو من التصحيف وقول بن حِبَّانَ لَوْلَا حَدِيثه هَذَا لَأَدْخَلْنَاهُ فِي الثِّقَات كَلَام سَاقِط جِدًّا فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِضَعْفِهِ سَبَب إِلَّا رِوَايَته هَذَا الْحَدِيث وَهَذَا الْحَدِيث إِنَّمَا رُدَّ لِضَعْفِهِ كَانَ هَذَا دَوْرًا بَاطِلًا وَلَيْسَ فِي رِوَايَته لِهَذَا مَا يُوجِب ضَعْفه فَإِنَّهُ لَمْ يُخَالِف فِيهِ الثِّقَات

وَهَذَا نَظِير رَدّ مَنْ رَدَّ حَدِيث عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي سُلَيْمَان بِحَدِيثِ جَابِر فِي شُفْعَة الْجِوَار وَضَعَّفَهُ بِكَوْنِهِ رَوَى هَذَا الْحَدِيث

وَهَذَا غَيْر مُوجِب لِلضَّعْفِ بِحَالٍ

وَاَللَّه أَعْلَم

<<  <  ج: ص:  >  >>