للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِهَا (كَصَحِيفَةِ الْمُتَلَمِّسِ) لَهَا قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ عِنْدَ الْعَرَبِ وَهُوَ الْمُتَلَمِّسُ الشَّاعِرُ وَكَانَ هَجَا عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ الْمَلِكَ فَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا إِلَى عَامِلِهِ يُوهِمُهُ أَنَّهُ أَمَرَ لَهُ فِيهِ عَطِيَّةً وَقَدْ كَانَ كَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَهُ فَارْتَابَ الْمُتَلَمِّسُ فَفَكَّهُ وَقَرَأَهُ فَلَمَّا عَلِمَ مَا فِيهِ رَمَى بِهِ وَنَجَا فَضَرَبَتِ الْعَرَبُ مَثَلًا بِصَحِيفَتِهِ (مَنْ سَأَلَ وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ) أَيْ مِنَ السُّؤَالِ وَهُوَ قُوتُهُ فِي الْحَالِ (فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنَ النَّارِ) يَعْنِي جَمْعُ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالسُّؤَالِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَكَأَنَّهُ جَمَعَ لِنَفْسِهِ نَارَ جَهَنَّمَ (قَالَ النُّفَيْلِيُّ) بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ مَنْسُوبٌ إِلَى نُفَيْلٍ أَحَدِ آبَائِهِ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ النُّفَيْلِيَّ حَدَّثَ أَبَا دَاوُدَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَرَّتَيْنِ فَمَرَّةً قَالَ مَنْ سَأَلَ وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ فإنما يستكثر من النار فقالوا يارسول اللَّهِ وَمَا يُغْنِيهِ قَالَ قَدْرُ مَا يُغَدِّيهِ وَيُعَشِّيهِ وَمَرَّةً قَالَ النُّفَيْلِيُّ مَنْ سَأَلَ وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ فقالوا يارسول اللَّهِ وَمَا الْغِنَى الَّذِي لَا يَنْبَغِي مَعَهُ الْمَسْأَلَةُ قَالَ قَدْرُ أَنْ يَكُونَ لَهُ شِبَعُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَوْ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ (مَعَهُ الْمَسْأَلَةُ قال) أي النبي (قَدْرُ مَا يُغَدِّيهِ وَيُعَشِّيهِ) أَيْ قَدْرُ كِفَايَتِهِمَا بِمَالٍ أَوْ كَسْبٍ لَمْ يَمْنَعْهُ عَنْ عِلْمٍ أَوْ حَالٍ

وَالتَّغْدِيَةُ إِطْعَامُ طَعَامِ الْغَدْوَةِ وَالتَّعْشِيَةُ إِطْعَامُ طَعَامِ الْعِشَاءِ

قَالَ الطِّيبِيُّ يَعْنِي مَنْ كَانَ لَهُ قُوتُ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْأَلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ وَأَمَّا فِي الزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ فَيَجُوزُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَسْأَلَهَا بِقَدْرِ مَا يُتِمُّ بِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ لَهُ وَلِعِيَالِهِ وَكِسْوَتُهُمَا لِأَنَّ تَفْرِيقَهَا فِي السَّنَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً (أَنْ يَكُونَ لَهُ شِبَعُ يَوْمٍ) بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِهَا وَهُوَ الْأَكْثَرُ أَيْ مَا يُشْبِعُهُ مِنَ الطَّعَامِ أَوَّلَ يَوْمِهِ وآخره

قال بن الْمَلِكِ بِسُكُونِ الْبَاءِ مَا يُشْبِعُ وَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمَصْدَرُ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ فَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ مَنْ وَجَدَ غَدَاءَ يَوْمِهِ وَعَشَاءَهُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا هُوَ فِيمَنْ وَجَدَ غَدَاءً وَعَشَاءً عَلَى دَائِمِ الْأَوْقَاتِ فَإِذَا كَانَ مَا يَكْفِيهِ لِقُوتِهِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ فَقَدْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةُ

وَقَالَ آخَرُونَ هَذَا مَنْسُوخٌ بِالْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا (كَانَ حَدَّثَنَا) النُّفَيْلِيُّ (بِهِ) أَيْ بِهَذَا الْحَدِيثِ (مُخْتَصَرًا عَلَى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي ذُكِرَتْ) بِصِيغَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>