الْمُتَكَلِّمِ الْمَعْرُوفِ أَوِ الْغَائِبِ الْمَجْهُولِ
وَأَمَّا الْإِمَامُ أَحْمَدُ فَرَوَى فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُوليِّ عَنْ سَهْلٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَفِيهِ فَأَخْبَرَ مُعَاوِيَةُ رَسُولَ الله بقولهما وخرج رسول الله فِي حَاجَةٍ فَمَرَّ بِبَعِيرٍ مُنَاخٍ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ ثُمَّ مَرَّ بِهِ آخِرَ النَّهَارِ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ فَقَالَ أَيْنَ صَاحِبُ هَذَا الْبَعِيرِ فَابْتُغِيَ فَلَمْ يُوجَدْ فَقَالَ رسول الله اتَّقُوا اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ ثُمَّ ارْكَبُوهَا صِحَاحًا وَارْكَبُوهَا سِمَانًا إِنَّهُ مَنْ سَأَلَ وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ قالوا يارسول اللَّهِ وَمَا يُغْنِيهِ قَالَ مَا يُغَدِّيهِ أَوْ يُعَشِّيهِ
أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ
[١٦٣٠] (الصُّدَائِيَّ) بِضَمِّ الصَّادِ مَمْدُودٌ (وَذَكَرَ) أَيْ زِيَادُ بْنُ الْحَارِثِ الصُّدَائِيُّ (حَدِيثًا طَوِيلًا) وَفِي شَرْحِ مَعَانِي الْآثَارِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَقُولُ أَمَرَنِي رَسُولُ الله على قومي فقلت يارسول اللَّهِ أَعْطِنِي مِنْ صَدَقَاتِهِمْ فَفَعَلَ وَكَتَبَ لِي بِذَلِكَ كِتَابًا فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مِثْلَهُ
فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الطَّحَاوِيُّ أَشَارَ إِلَيْهَا أَبُو دَاوُدَ بِقَوْلِهِ حَدِيثًا طَوِيلًا
كَذَا فِي غاية المقصود (فأتاه) أي أتى النبي (حَتَّى حَكَمَ فِيهَا) أَيْ إِلَى أَنْ حَكَمَ فِي الصَّدَقَاتِ (هُوَ) أَيِ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ (فَجَزَّأَهَا) بِتَشْدِيدِ الزَّايِ فَهَمْزَةٌ أَيْ فَقَسَّمَ أَصْحَابَهَا (ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ) أَيْ أَصْنَافٍ (فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ) أَيْ أَجْزَاءِ مُسْتَحِقِّيهَا أَوْ مِنْ أَصْحَابِ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ (أَعْطَيْتُكَ حَقَّكَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ دَفْعُ الصَّدَقَةِ فِي صِنْفِ وَاحِدٍ وَأَنَّ الْوَاجِبَ تَفَرُّقُهَا عَلَى أَهْلِ السُّهْمَانِ بِحِصَصِهِمْ وَلَوْ كَانَ فِي الْآيَةِ بَيَانُ الْمَحَلِّ دُونَ بَيَانِ الْحِصَصِ لَمْ يَكُنْ لِلتَّجْزِئَةِ مَعْنًى وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ قَوْلُهُ أَعْطَيْتُكَ حَقَّكَ فَبَيَّنَ أَنَّ لِأَهْلِ كُلِّ جُزْءٍ عَلَى حِدَتِهِ حَقًّا
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ عِكْرِمَةُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ
وَقَالَ النَّخَعِيُّ إِذَا كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا يَحْتَمِلُ الْأَجْزَاءَ قَسَمَهُ عَلَى الْأَصْنَافِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا جَازَ أَنْ يُوضَعَ فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ
وَقَالَ أَحْمَدُ بن حنبل تفريقه أولى ويجزيه أَنْ يَضَعَهُ فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ إِنْ قَسَمَهُ الْإِمَامُ قَسَمَهُ عَلَى الْأَصْنَافِ وَإِنْ تَوَلَّى قَسْمَهُ رَبُّ الْمَالِ فَيَضَعُهُ فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ رَجَوْتُ أَنْ يَسَعَهُ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَجْتَهِدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute