للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ كَمَا سَيَأْتِي (لِغَنِيٍّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ والمساكين (إِلَّا لِخَمْسَةٍ) فَتَحِلُّ لَهُمْ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ لِأَنَّهُمْ أَخَذُوهَا بِوَصْفٍ آخَرَ (لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) لقوله تعالى وفي سبيل الله أَيْ لِمُجَاهِدٍ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا أَوِ الْحَجِّ وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ (أَوْ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الصَّدَقَةِ مِنْ نَحْوِ عَاشِرٍ وَحَاسِبٍ وَكَاتِبٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَبَيَّنَتِ السُّنَّةُ أَنَّ شَرْطَهُ أَنْ لَا يَكُونَ هَاشِمِيًّا قِيلَ وَلَا مُطَّلِبِيًّا (أَوْ لِغَارِمٍ) أَيْ مَدِينٍ مِثْلَ مَنِ اسْتَدَانَ لِيُصْلِحَ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ فِي دِيَةٍ أَوْ دَيْنٍ تَسْكِينًا لِلْفِتْنَةِ وَإِنْ كان غنيا

قال الله تعالى والغارمين بِشُرُوطٍ فِي الْفُرُوعِ (أَوْ لِرَجُلٍ) غَنِيٍّ (اشْتَرَاهَا) أَيِ الصَّدَقَةَ (بِمَالِهِ) مِنَ الْفَقِيرِ الَّذِي أَخَذَهَا (أَوْ لِرَجُلٍ) غَنِيٍّ (جَارٌ مِسْكِينٌ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْفَقِيرَ (فَأَهْدَاهَا) الصَّدَقَةَ (لِلْغَنِيِّ) فَتَحِلُّ لَهُ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ قَدْ بَلَغَتْ مَحَلَّهَا فِيهِ

وَقَوْلُهُ وَلَهُ جَارٌ خَرَجَ عَلَى جِهَةِ التَّمْثِيلِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ فَالْمَدَارُ عَلَى إِهْدَاءِ الصَّدَقَةِ الَّتِي مَلَّكَهَا الْمِسْكِينُ لِجَارٍ أَوْ لِغَيْرِهِ وَفِي حديث إهداء بريرة كما تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهَا إِلَى عَائِشَةَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَهُوَ مِنْهَا لَنَا هَدِيَّةٌ كَمَا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَكَذَلِكَ الْإِهْدَاءُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ كَمَا سَيَأْتِي أَوْ جَارٌ فَقِيرٌ يتصدق عليها فيهدي لك أو يدعوك قال بن عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا الْحَدِيثُ مُفَسِّرٌ لِمُجْمَلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ

وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ الْمَفْرُوضَةَ لَا تَحِلُّ لِغَيْرِ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورِينَ

قَالَ الْبَاجِيُّ فَإِنْ دَفَعَهَا لِغَنِيٍّ لِغَيْرِ هَؤُلَاءِ عَالِمًا بِغِنَاهُ لَمْ تُجْزِهِ بِلَا خِلَافٍ فَإِنِ اعْتَقَدَ فَقْرَهُ فقال بن الْقَاسِمِ يَضْمَنُ إِنْ دَفَعَهَا لِغَنِيٍّ أَوْ كَافِرٍ وَأَمَّا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْهَدِيَّةِ تَحِلُّ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ

ذَكَرَهُ الزُّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ بَيَانُ أَنَّ الْغَازِيَ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الصَّدَقَةَ وَيَسْتَعِينُ بِهَا فِي غَزْوِهِ وَهُوَ مِنْ سَهْمِ السَّبِيلِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى الْغَازِي مِنَ الصَّدَقَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا بِهِ وَسَهْمُ السَّبِيلِ غير سهم بن السَّبِيلِ وَقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا فِي التَّسْمِيَةِ وَعَطَفَ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِالْوَاوِ الَّذِي هُوَ حَرْفُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَذْكُورَيْنِ الْمَسْبُوقِ أَحَدِهِمَا عَلَى الآخر فقال (وفي سبيل الله وبن السبيل) والمنقطع به هو بن السَّبِيلِ وَكَمَا سَهْمُ السَّبِيلِ فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ وَظَاهِرِهِ فِي الْكِتَابِ

وَقَدْ جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا بَيَّنَهُ وَوَكَّدَ أَمْرَهُ فَلَا وَجْهَ لِلذَّهَابِ عَنْهُ

وَفِي قَوْلِهِ أَوْ رَجُلٍ اشْتَرَاهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>