بِمَالِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُتَصَدِّقَ إِذَا تَصَدَّقَ بِالشَّيْءِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنَ الْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ وَكَرِهَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مَعَ تَجْوِيزِهِمُ الْبَيْعَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ إِنِ اشْتَرَاهُ فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ
وَأَمَّا الْغَارِمُ الْغَنِيُّ فَهُوَ الرَّجُلُ يَتَحَمَّلُ الْحَمَالَةَ وَيُدَانُ فِي الْمَعْرُوفِ وَإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَلَهُ مَالٌ إِنْ يَقَعْ فِيهَا افْتَقَرَ فَيُعْطَى مِنَ الصَّدَقَةِ مَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ فَأَمَّا الْغَارِمُ الَّذِي يُدَانُ لِنَفْسِهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَلَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْغَنِيُّ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْفُقَرَاءِ
وَأَمَّا الْعَامِلُ فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنْهَا عُمَالَةً عَلَى قَدْرِ عَمَلِهِ وَأُجْرَةِ مِثْلِهِ فَسَوَاءً كَانَ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعُمَالَةَ إِذَا لَمْ يَفْعَلْهُ تَطَوُّعًا
فَأَمَّا الْمُهْدَى لَهُ الصَّدَقَةُ فَهُوَ إِذَا مَلَّكَهَا فَقَدْ خَرَجَتْ أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً وَهِيَ مِلْكٌ لِمَالِكٍ تَامِّ الْمِلْكِ جَائِزُ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ انْتَهَى كلامه
قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ مُسْنَدًا
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ النَّمَرِيُّ قَدْ وَصَلَ هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ مِنْ رِوَايَةِ زَيْدِ بن أسلم
[١٦٣٦] (بمعناه) ولفظ بن مَاجَهْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا أَوْ لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ لِغَنِيٍّ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ أَوْ فَقِيرٍ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ فَأَهْدَاهَا لِغَنِيٍّ أَوْ غارم
وأخرجه أيضا الدارقطني (رواه بن عُيَيْنَةَ) سُفْيَانُ الْإِمَامُ (كَمَا قَالَ مَالِكٌ) مُرْسَلًا (وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ) سُفْيَانُ الْإِمَامُ (حَدَّثَنِي الثَّبْتُ) أَيِ الثِّقَةُ (عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مُرْسَلًا وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُسَمِّ الثَّبْتَ
(إِلَّا في سبيل الله أو بن السَّبِيلِ) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ حَدِيثُ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَصَحُّ طَرِيقًا ليس فيه ذكر بن السَّبِيلِ فَإِنْ صَحَّ هَذَا فَإِنَّمَا أَرَادَ وَاللَّهُ أعلم أن بن السَّبِيلِ غَنِيٌّ فِي بَلَدِهِ مُحْتَاجٌ فِي سَفَرِهِ انْتَهَى
[١٦٣٧] (أَوْ جَارٍ فقِيرٍ) إِضَافَةُ جَارٍ إِلَى فَقِيرٍ (يُتَصَدَّقُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (عَلَيْهِ) أَيِ الْفَقِيرِ (فَيُهْدِي) مِنَ الْإِهْدَاءِ أَيِ الْفَقِيرُ (لَكَ) الْتِفَاتٌ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ (أَوْ يَدْعُوكَ) إِلَى أكل ذلك الطعام