وَأَبُو مُوسَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وبن عَبَّاس يُخْبِر أَنَّهَا سُنَّة نَبِيّهمْ وَيُفْتِي بِهَا الْخَاصّ وَالْعَامّ وَهُمْ يُقِرُّونَهُ عَلَى ذَلِكَ هَذَا مِنْ أَبْطَل الْبَاطِل
الثَّامِن عَشَر أَنَّ الْفَسْخ قد رواه عن النبي أَرْبَعَة عَشَر مِنْ الصَّحَابَة وَهُمْ عَائِشَة وَحَفْصَة وعلي وفاطمة وأسماء بنت أبي بكر وجابر وأبو سعيد وأنس وأبو موسى والبراء وبن عَبَّاس وَسُرَاقَة وَسَبْرَة وَرَوَاهُ عَنْ عَائِشَة الْأَسْوَد بْن يَزِيد وَالْقَاسِم وَعُرْوَة وَعَمْرَة وَذَكْوَان مَوْلَاهَا
وَرَوَاهُ عَنْ جَابِر عَطَاء وَمُجَاهِد وَمُحَمَّد بْن عَلِيّ وَأَبُو الزُّبَيْر
وَرَوَاهُ عَنْ أَسْمَاء صَفِيَّة وَمُجَاهِد
وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي سَعِيد أَبُو نَضْرَة
وَرَوَاهُ عَنْ الْبَرَاء أَبُو إِسْحَاق
وَرَوَاهُ عَنْ بن عُمَر سَالِم اِبْنه وَبَكْر بْن عَبْد اللَّه
ورواه عَنْ أَنَس أَبُو قِلَابَةَ وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي موسى طارق بن شهاب ورواه عن بن عباس طاووس وعطاء وبن سِيرِينَ وَجَابِر بْن زَيْد وَمُجَاهِد وَكُرَيْب وَأَبُو الْعَالِيَة وَمُسْلِم الْقُرَشِيّ وَأَبُو حَسَّان الْأَعْرَج وَرَوَاهُ عَنْ سَبْرَة اِبْنه
فَصَارَ نَقْل كَافَّة عَنْ كَافَّة يُوجِب الْعِلْم وَمِثْل هَذَا لَا يَجُوز دَعْوَى نَسْخه إِلَّا بِمَا يَتَرَجَّح عَلَيْهِ أَوْ يُقَاوِمهُ
فَكَيْفَ يَسُوغ دَعْوَى نَسْخه بِأَحَادِيث لَا تُقَاوِمهُ وَلَا تُدَانِيه وَلَا تُقَارِبهُ وَإِنَّمَا هِيَ بين مجهول رواتها أو ضعفاء لا مقوم بِهِمْ حُجَّة
وَمَا صَحَّ فِيهَا فَهُوَ رَأْي صَاحِب قَالَهُ بِظَنِّهِ وَاجْتِهَاده وَهُوَ أَصَحّ مَا فِيهَا وَهُوَ قَوْل أَبِي ذَرّ كَانَتْ الْمُتْعَة لَنَا خَاصَّة وَمَا عَدَاهُ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَدْ كَفَانَا رُوَاته مُؤْنَته
فَلَوْ كَانَ مَا قَالَهُ أَبُو ذَرّ رِوَايَة صَحِيحَة ثَابِتَة مَرْفُوعَة لَكَانَ نَسْخ هَذِهِ الْأَحَادِيث الْمُتَوَاتِرَة بِهِ مُمْتَنِعًا فَكَيْفَ وَإِنَّمَا هُوَ قَوْله وَمَعَ هَذَا فَقَدْ خَالَفَهُ فِيهِ عَشَرَة مِنْ الصَّحَابَة كَابْنِ عَبَّاس وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَغَيْرهمَا
التَّاسِع عَشَر أَنَّ الْفَسْخ مُوَافِق لِلنُّصُوصِ وَالْقِيَاس
أَمَّا مُوَافَقَته لِلنُّصُوصِ فَلَا رَيْب فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ
وَأَمَّا مُوَافَقَته لِلْقِيَاسِ فَإِنَّ الْمُحْرِم إِذَا اِلْتَزَمَ أَكْثَر مِمَّا كَانَ اِلْتَزَمَهُ جَازَ بِالِاتِّفَاقِ فَلَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجّ جَازَ اِتِّفَاقًا وَعَكْسه لَا يَجُوز عِنْد الْأَكْثَرِينَ وَأَبُو حَنِيفَة يُجَوِّزهُ عَلَى أَصْله فَإِنَّ الْقَارِن يَطُوف طَوَافَيْنِ وَيَسْعَى سَعْيَيْنِ فَإِذَا أَدْخَلَ الْعُمْرَة عَلَى الْحَجّ جَازَ عِنْده لِالْتِزَامِهِ طَوَافًا ثَانِيًا وَسَعْيًا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْمُحْرِم بِالْحَجِّ لَمْ يَلْتَزِم إِلَّا الْحَجّ إِذَا صَارَ مُتَمَتِّعًا صَارَ مُلْتَزِمًا لِعُمْرَةٍ وَحَجّ فَكَانَ مَا اِلْتَزَمَهُ بِالْفَسْخِ أَكْثَر مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ فَجَازَ ذَلِكَ بَلْ اُسْتُحِبَّ لَهُ لِأَنَّهُ أَفْضَل وَأَكْثَر مِمَّا اِلْتَزَمَهُ أَوَّلًا
وَإِنَّمَا يَتَوَهَّم الْإِشْكَال مَنْ يَتَوَهَّم أَنَّهُ فَسْخ حَجّ إِلَى عُمْرَة وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَفْسَخ الْحَجّ إِلَى عُمْرَة مُفْرَدَة لَمْ يَجُزْ عِنْد أَحَد وَإِنَّمَا يَجُوز الْفَسْخ لِمَنْ نِيَّته أَنْ يَحُجّ بَعْد مُتْعَته مِنْ عَامه وَالْمُتَمَتِّع مِنْ حِين يُحْرِم بِالْعُمْرَةِ دَخَلَ فِي الْحَجّ كَمَا قال النبي دَخَلَتْ الْعُمْرَة فِي الْحَجّ فَهَذِهِ الْمُتْعَة الَّتِي فَسَخَ إِلَيْهَا هِيَ جُزْء مِنْ الْحَجّ لَيْسَتْ عُمْرَة مُفْرَدَة وَهِيَ مِنْ الْحَجّ بِمَنْزِلَةِ الْوُضُوء مِنْ غُسْل الْجَنَابَة فَهِيَ عِبَادَة وَاحِدَة قَدْ تَخَلَّلَهَا الرُّخْصَة بِالْإِحْلَالِ وَهَذَا لَا يَمْنَع أَنْ تَكُون وَاحِدَة كَطَوَافِ الْإِفَاضَة فَإِنَّهُ مِنْ