بدونها حكاه بن عبد البر عن الثوري وأبي حنيفة وبن حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ قَالُوا هِيَ نَظِيرُ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لِلصَّلَاةِ
وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
يُفَرَّق فِي صِفَاته بَيْن الْمُلْك وَالْحَمْد وَسَوَّغَ هَذَا الْمَعْنَى أَنَّ اِقْتِرَان أَحَدهمَا بِالْآخَرِ مِنْ أَعْظَم الْكَمَال وَالْمُلْك وَحْده كَمَال وَالْحَمْد كَمَال وَاقْتِرَان أَحَدهمَا بِالْآخَرِ كَمَال فَإِذَا اِجْتَمَعَ الْمُلْك الْمُتَضَمِّن لِلْقُدْرَةِ مَعَ النِّعْمَة الْمُتَضَمِّنَة لِغَايَةِ النَّفْع وَالْإِحْسَان وَالرَّحْمَة مَعَ الْحَمْد الْمُتَضَمِّن لِعَامَّةِ الْجَلَال وَالْإِكْرَام الدَّاعِي إِلَى مَحَبَّته كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْعَظَمَة وَالْكَمَال وَالْجَلَال مَا هُوَ أَوْلَى بِهِ وَهُوَ أَهْله وَكَانَ فِي ذِكْر الْحَمْد لَهُ وَمَعْرِفَته بِهِ مِنْ اِنْجِذَاب قَلْبه إِلَى اللَّه وَإِقْبَاله عَلَيْهِ وَالتَّوَجُّه بِدَوَاعِي الْمَحَبَّة كُلّهَا إِلَيْهِ مَا هُوَ مَقْصُود الْعُبُودِيَّة وَلُبّهَا وَذَلِكَ فَضْل اللَّه يُؤْتِيه مَنْ يَشَاء
وَنَظِير هَذَا اِقْتِرَان الْغِنَى بِالْكَرَمِ كَقَوْلِهِ {فَإِنَّ رَبِّي غَنِيّ كَرِيم} فَلَهُ كَمَال مِنْ غِنَاهُ وَكَرَمه وَمِنْ اِقْتِرَان أَحَدهمَا بِالْآخَرِ
وَنَظِيره اِقْتِرَان الْعِزَّة بِالرَّحْمَةِ {وَإِنَّ رَبّك لَهُوَ الْعَزِيز الرَّحِيم}
وَنَظِيره اِقْتِرَان العفو بالقدرة {وكان الله عفوا غفورا}
وَنَظِيره اِقْتِرَان الْعِلْم بِالْحِلْمِ {وَاَللَّه عَلِيم حَلِيم}
وَنَظِيره اِقْتِرَان الرَّحْمَة بِالْقُدْرَةِ {وَاَللَّه قَدِير وَاَللَّه غَفُور رَحِيم}
وَهَذَا يُطْلِع ذَا اللُّبّ عَلَى رِيَاض مِنْ الْعِلْم أَنِيقَات وَيَفْتَح لَهُ بَاب مَحَبَّة اللَّه وَمَعْرِفَته وَاَللَّه الْمُسْتَعَان وَعَلَيْهِ التُّكْلَان
السابعة عشرة أن النبي قَالَ أَفْضَل مَا قُلْت أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ لَهُ الْمُلْك وَلَهُ الْحَمْد وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير وَقَدْ اِشْتَمَلَتْ بِالتَّلْبِيَةِ عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَات بِعَيْنِهَا وَتَضَمَّنَتْ مَعَانِيهَا وَقَوْله وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير لَك أَنْ تُدْخِلهَا تَحْت قَوْلك فِي التَّلْبِيَة لَا شَرِيك لَك
وَلَك أَنْ تُدْخِلهَا تَحْت قَوْلك إِنَّ الْحَمْد وَالنِّعْمَة لَك وَلَك أَنْ تُدْخِلهَا تَحْت إِثْبَات الْمُلْك لَهُ تَعَالَى إِذْ لَوْ كَانَ بَعْض الْمَوْجُودَات خَارِجًا عَنْ قُدْرَته وَمُلْكه وَاقِعًا بِخَلْقِ غَيْره لَمْ يَكُنْ نَفْي الشَّرِيك عَامًّا وَلَمْ يَكُنْ إِثْبَات الْمُلْك وَالْحَمْد لَهُ عَامًّا وَهَذَا مِنْ أَعْظَم الْمُحَال وَالْمُلْك كُلّه لَهُ وَالْحَمْد كُلّه لَهُ وَلَيْسَ لَهُ شَرِيك بِوَجْهٍ من الوجوه
الثامنة عشر أَنَّ كَلِمَات التَّلْبِيَة مُتَضَمِّنَة لِلرَّدِّ عَلَى كُلّ مُبْطِل فِي صِفَات اللَّه وَتَوْحِيده فَإِنَّهَا مُبْطِلَة لِقَوْلِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى اِخْتِلَاف طَوَائِفهمْ وَمَقَالَاتهمْ
وَلِقَوْلِ الْفَلَاسِفَة وَإِخْوَانهمْ مِنْ الْجَهْمِيَّةِ الْمُعَطِّلِينَ لِصِفَاتِ الْكَمَال الَّتِي هِيَ مُتَعَلَّق الْحَمْد فَهُوَ سُبْحَانه مَحْمُود لِذَاتِهِ وَلِصِفَاتِهِ وَلِأَفْعَالِهِ فَمَنْ