للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ إِنَّهُ لَذُو الْمَعَارِجِ وَمَا هَكَذَا كُنَّا نُلَبِّي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى

وَسَيَأْتِي بَعْضُ الْكَلَامِ فِيهِ

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ فِي حُكْمِ التَّلْبِيَةِ أَرْبَعَةُ مَذَاهِبَ الْأَوَّلُ أَنَّهَا سُنَّةٌ مِنَ السُّنَنِ لَا يَجِبُ بِتَرْكِهَا شَيْءٌ

وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ

وَالثَّانِي وَاجِبَةٌ وَيَجِبُ بِتَرْكِهَا دَمٌ

حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عن بعض الشافعية وحكاه بن قُدَامَةَ عَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَالْخَطَّابِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ

وَالثَّالِثُ وَاجِبَةٌ لَكِنْ يَقُومُ مَقَامَهَا فعل يتعلق بالحج

قال بن الْمُنْذِرِ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِنْ كَبَّرَ أَوْ هَلَّلَ أَوْ سَبَّحَ يَنْوِي بِذَلِكَ الْإِحْرَامَ فَهُوَ مُحْرِمٌ

الرَّابِعُ أَنَّهَا رُكْنٌ فِي الْإِحْرَامِ لَا ينعقد

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

الْحَادِيَة عَشَرَة أَنَّهَا مُشْتَمِلَة عَلَى الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَحَبّ مَا يَتَقَرَّب بِهِ الْعَبْد إِلَى اللَّه وَأَوَّل مَنْ يُدْعَى إِلَى الْجَنَّة أَهْله وَهُوَ فَاتِحَة الصَّلَاة وَخَاتِمَتهَا

الثَّانِيَة عَشْرَة أَنَّهَا مُشْتَمِلَة عَلَى الِاعْتِرَاف لِلَّهِ بِالنِّعْمَةِ كُلّهَا وَلِهَذَا عَرَّفَهَا بِاللَّامِ الْمُفِيدَة لِلِاسْتِغْرَاقِ أَيْ النِّعَم كُلّهَا لَك وَأَنْتَ مُولِيهَا وَالْمُنْعِم بِهَا

الثَّالِثَة عَشْرَة أَنَّهَا مُشْتَمِلَة عَلَى الِاعْتِرَاف بِأَنَّ الْمِلْك كُلّه لِلَّهِ وَحْده فَلَا مِلْك عَلَى الْحَقِيقَة لِغَيْرِهِ

الرَّابِعَة عَشْرَة أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مُؤَكَّد الثُّبُوت بِإِنَّ الْمُقْتَضِيَة تَحْقِيق الْخَبَر وَتَثْبِيته وَأَنَّهُ مِمَّا لَا يَدْخُلهُ رَيْب وَلَا شَكّ

الْخَامِسَة عَشْرَة فِي إِنَّ وَجْهَانِ فَتْحهَا وَكَسْرهَا فَمَنْ فَتَحَهَا تَضَمَّنَتْ مَعْنَى التَّعْلِيل أَيْ لَبَّيْكَ الْحَمْد وَالنِّعْمَة لَك وَمَنْ كَسَرَهَا كَانَتْ جُمْلَة مُسْتَقِلَّة مُسْتَأْنَفَة تَتَضَمَّن اِبْتِدَاء الثَّنَاء عَلَى اللَّه وَالثَّنَاء إِذَا كَثُرَتْ جُمَله وَتَعَدَّدَتْ كَانَ أَحْسَن من قلتها وأما إذا فتحت فإنها تقدر بِلَامِ التَّعْلِيل الْمَحْذُوفَة مَعَهَا قِيَاسًا وَالْمَعْنَى لَبَّيْكَ لِأَنَّ الْحَمْد لَك وَالْفَرْق بَيْن أَنْ تَكُون جُمَل الثَّنَاء عِلَّة لِغَيْرِهَا وَبَيْن أَنْ تَكُون مُسْتَقِلَّة مُرَادَة لِنَفْسِهَا وَلِهَذَا قَالَ ثَعْلَب مَنْ قَالَ إِنَّ بِالْكَسْرِ فَقَدْ عَمَّ وَمَنْ قَالَ أَنَّ بِالْفَتْحِ فَقَدْ خَصَّ

وَنَظِير هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَالتَّعْلِيلَيْنِ وَالتَّرْجِيح سَوَاء قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَنْ الْمُؤْمِنِينَ {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْل نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرّ الرَّحِيم} كَسْر إِنَّ وَفَتْحهَا

فَمَنْ فَتَحَ كَانَ الْمَعْنَى نَدْعُوهُ لِأَنَّهُ هُوَ الْبَرّ الرَّحِيم وَمَنْ كَسَرَ كَانَ الْكَلَام جُمْلَتَيْنِ إِحَدهمَا قَوْله نَدْعُوهُ ثُمَّ اِسْتَأْنَفَ فَقَالَ إِنَّهُ هُوَ الْبَرّ الرَّحِيم قَالَ أَبُو عُبَيْد وَالْكَسْر أَحْسَن وَرَجَّحَهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ

السَّادِسَة عَشْرَة أَنَّهَا مُتَضَمِّنَة لِلْإِخْبَارِ عَنْ اِجْتِمَاع الْمُلْك وَالنِّعْمَة وَالْحَمْد لِلَّهِ عزوجل وَهَذَا نَوْع آخَر مِنْ الثَّنَاء عَلَيْهِ غَيْر الثَّنَاء بِمُفْرَدَاتِ تِلْكَ الْأَوْصَاف الْعَلِيَّة فَلَهُ سُبْحَانه مِنْ أَوْصَافه الْعُلَى نَوْعَا ثَنَاء نَوْع مُتَعَلِّق بِكُلِّ صِفَة عَلَى اِنْفِرَادهَا وَنَوْع مُتَعَلِّق بِاجْتِمَاعِهَا وَهُوَ كَمَال مَعَ كَمَال وَهُوَ عَامَّة الْكَمَال والله سبحانه

<<  <  ج: ص:  >  >>