للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ماجه وصححه بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ قَالَ مِنْ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّيْكَ إِلَهَ الْحَقِّ لبيك وبزيادة بن عُمَرَ الْمَذْكُورَةِ

وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَقَالُوا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَلَى مَا عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ كَمَا فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مَعْدِ يَكْرِبَ ثُمَّ فَعَلَهُ هُوَ وَلَمْ يَقُلْ لَبُّوا بِمَا شِئْتُمْ مِمَّا مِنْ جِنْسِ هَذَا بَلْ عَلَّمَهُمْ كَمَا عَلَّمَهُمُ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ فَكَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَعَدَّى فِي ذَلِكَ شَيْئًا مِمَّا عَلَّمَهُ ثُمَّ أَخْرَجَ حَدِيثَ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لَبَّيْكَ ذَا الْمَعَارِجِ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

إِحْدَاهَا أَنَّ قَوْلك لَبَّيْكَ يَتَضَمَّن إِجَابَة دَاعٍ دَعَاك وَمُنَادٍ نَادَاك وَلَا يَصِحّ فِي لُغَة وَلَا عَقْل إِجَابَة مِنْ لَا يَتَكَلَّم وَلَا يَدْعُو مِنْ أَجَابَهُ

الثَّانِيَة أَنَّهَا تَتَضَمَّن الْمَحَبَّة كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يُقَال لَبَّيْكَ إِلَّا لِمِنْ تُحِبّهُ وَتُعَظِّمهُ وَلِهَذَا قِيلَ فِي مَعْنَاهَا أَنَا مُوَاجِه لَك بِمَا تُحِبّ وَأَنَّهَا مِنْ قَوْلهمْ اِمْرَأَة لَبَّة أَيّ مَحَبَّة لِوَلَدِهَا

الثَّالِثَة أَنَّهَا تَتَضَمَّن اِلْتِزَام دَوَام الْعُبُودِيَّة وَلِهَذَا قِيلَ هِيَ مِنْ الْإِقَامَة أَيّ أَنَا مُقِيم عَلَى طَاعَتك

الرَّابِعَة أَنَّهَا تَتَضَمَّن الْخُضُوع وَالذُّلّ أَيّ خُضُوعًا بَعْد خُضُوع مِنْ قَوْلهمْ

أَنَا مُلَبٍّ بَيْن يَدَيْك أَيّ خَاضِع ذَلِيل

الْخَامِسَة أَنَّهَا تَتَضَمَّن الْإِخْلَاص وَلِهَذَا قِيلَ

إِنَّهَا مِنْ اللُّبّ وَهُوَ الْخَالِص

السَّادِسَة أَنَّهَا تَتَضَمَّن الْإِقْرَار بِسَمْعِ الرَّبّ تَعَالَى إِذْ يَسْتَحِيل أَنَّ يَقُول الرَّجُل لَبَّيْكَ لِمِنْ لَا يَسْمَع دُعَاءَهُ

السَّابِعَة أَنَّهَا تَتَضَمَّن التَّقَرُّب مِنْ اللَّه وَلِهَذَا قِيلَ

إِنَّهَا مِنْ الْإِلْبَاب وَهُوَ التَّقَرُّب

الثَّامِنَة أَنَّهَا جَعَلَتْ فِي الْإِحْرَام شِعَارًا لِانْتِقَالِ مِنْ حَال إِلَى حَال وَمِنْ مَنْسَك إِلَى مَنْسَك كَمَا جَعَلَ التَّكْبِير فِي الصَّلَاة سَبْعًا لِلِانْتِقَالِ مِنْ رُكْن إِلَى رُكْن وَلِهَذَا كَانَتْ السُّنَّة أَنْ يُلَبِّي حَتَّى يَشْرَع فِي الطَّوَاف فَيَقْطَع التَّلْبِيَة ثُمَّ إِذَا سَارَ لَبَّى حَتَّى يَقِف بِعَرَفَة فَيَقْطَعهَا ثُمَّ يُلَبِّي حَتَّى يَقِف بِمُزْدِلَفَةَ فَيَقْطَعهَا ثُمَّ يُلَبِّي حتى يرمي جمرة العقبة

فيقطعها فَالتَّلْبِيَة شِعَار الْحَجّ وَالتَّنَقُّل فِي أَعْمَال الْمَنَاسِك فَالْحَاجّ كُلَّمَا اِنْتَقَلَ مِنْ رُكْن إِلَى رُكْن قَالَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ كَمَا أَنَّ الْمُصَلِّي يَقُول فِي اِنْتِقَاله مِنْ رُكْن إِلَى رُكْن اللَّه أَكْبَر فَإِذَا حَلَّ مِنْ نُسُكه قَطَعَهَا كَمَا يَكُون سَلَام الْمُصَلِّي قَاطِعًا لِتَكْبِيرِهِ

التَّاسِعَة أَنَّهَا شِعَار لِتَوْحِيدِ مِلَّة إِبْرَاهِيم الَّذِي هُوَ رُوح الْحَجّ وَمَقْصِده بَلْ رُوح الْعِبَادَات كُلّهَا وَالْمَقْصُود مِنْهَا

وَلِهَذَا كَانَتْ التَّلْبِيَة مِفْتَاح هَذِهِ الْعِبَادَة الَّتِي يَدْخُل فِيهَا بِهَا

الْعَاشِرَة أَنَّهَا مُتَضَمِّنَة لِمِفْتَاحِ الْجَنَّة وَبَاب الْإِسْلَام الَّذِي يَدْخُل مِنْهُ إِلَيْهِ وَهُوَ كَلِمَة الْإِخْلَاص وَالشَّهَادَة لِلَّهِ بِأَنَّهُ لَا شَرِيك لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>