بِهَا تَعْمِيمًا
قَالَ الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَمِيرُ فِي سُبُلِ السَّلَامِ كَلَامٌ لِهَذَيْنِ الْإِمَامَيْنِ يَعْنِي الْبَيْهَقِيَّ وَالْحَافِظَ مُحَامَاةٌ عَلَى كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَمَذْهَبِهِمْ وَإِلَّا فَتَأْوِيلُ الْبَيْهَقِيِّ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَذَكَرَتْهُ الْمَرْأَةُ بَلْ إِنَّمَا قَالَتْ إِنَّهُ زَوَّجهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ فَالْعِلَّةُ كَرَاهَتُهَا فَعَلَيْهَا عُلِّقَ التَّخْيِيرُ لِأَنَّهَا الْمَذْكُورَةُ فَكَأَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كُنْتِ كَارِهَةً فَأَنْتِ بَالْخِيَارِ
وَقَوْلُ الْحَافِظِ إِنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ كَلَامٌ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ حُكْمٌ عَامٌّ لِعُمُومِ عِلَّتِهِ فَأَيْنَمَا وُجِدَتِ الْكَرَاهَةُ تُثْبِتُ الْحُكْمَ انتهى
قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ
(قَالَ أَبُو دَاوُدَ لَمْ يَذْكُرْ) أَيْ محمد بن عبيد (بن عَبَّاسٍ) بَالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ (وَهَكَذَا) أَيْ بِغَيْرِ ذكر بن عَبَّاسٍ (رَوَاهُ النَّاسُ مُرْسَلًا) وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ التَّابِعِيُّ سَوَاءٌ كَانَ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا وَفَعَلَ كَذَا أَوْ فُعِلَ بِحَضْرَتِهِ كَذَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (مَعْرُوفٌ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ رِوَايَتُهُمْ مُرْسَلًا مَعْرُوفٌ أَوْ إِرْسَالُهُ مَعْرُوفٌ
وَمَا رَوَاهُ الضَّعِيفُ مُخَالِفًا لِلثِّقَةِ يُقَالُ لَهُ الْمُنْكَرُ وَمُقَابِلُهُ يُقَالُ بِهِ الْمَعْرُوفُ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
فَقَدْ تُوَافِق أَمْره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَبَره وَنَهْيه عَلَى أَنَّ الْبِكْر لَا تُزَوَّج إِلَّا بِإِذْنِهَا وَمِثْل هَذَا يُقَرِّب مِنْ الْقَاطِع وَيَبْعُد كُلّ الْبُعْد حَمْله عَلَى الِاسْتِحْبَاب وَرَوَى النسائي من حديث عكرمة عن بن عَبَّاس قَالَ أَنْكَحَ رَجُل مِنْ بَنِي الْمُنْذِر اِبْنَته وَهِيَ كَارِهَة فَأَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ نِكَاحهَا وَرَوَى أَيْضًا مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن بُرَيْدَة عَنْ عَائِشَة أَنَّ فَتَاة دَخَلَتْ عَلَيْهَا فَقَالَتْ إِنَّ أَبِي زوجني بن أَخِيهِ لِيَرْفَع بِي خَسِيسَته وَأَنَا كَارِهَة قَالَتْ اِجْلِسِي حَتَّى يَأْتِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِيهَا فَدَعَاهُ فَجَعَلَ الْأَمْر إِلَيْهَا فَقَالَتْ يَا رَسُول اللَّه قَدْ اِخْتَرْت مَا صَنَعَ أَبِي وَلَكِنِّي أَرَدْت أَنْ أعلم أن للنساء من الأمر شيء وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير عَنْ أَبِي سَلَمَة قَالَ أَنْكَحَ رَجُل مِنْ بَنِي الْمُنْذِر اِبْنَته وَهِيَ كَارِهَة فَأَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ نِكَاحهَا
وَعَمَل هَذِهِ الْقَضَايَا وَأَشْبَاههَا عَلَى الثَّيِّب دُون الْبِكْر خِلَاف مُقْتَضَاهَا لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْأَل عَنْ ذَلِكَ وَلَا اِسْتَفْصَلَ وَلَوْ كَانَ الْحُكْم يَخْتَلِف بِذَلِكَ لَاسْتَفْصَلَ وَسَأَلَ عَنْهُ وَالشَّافِعِيّ يُنَزِّل هَذَا مَنْزِلَة الْعُمُوم وَيَحْتَجّ بِهِ كَثِيرًا
وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّد بْن حَزْم من طريق قاسم بن أصبغ عن بن عُمَر أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ اِبْنَته بِكْرًا فَأَتَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ نِكَاحهَا وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ هَذَا الْحَدِيث فِي سُنَنه وَفِي كِتَاب الْعِلَل وَأَعَلَّهُ بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى أَنَّ عَمّهَا زَوَّجَهَا بَعْد وَفَاة أَبِيهَا وَزَوَّجَهَا مِنْ عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر وَهِيَ بِنْت عُثْمَان بْن مَظْعُون وَعَمّهَا قَدَامَة فَكَرِهَتْهُ فَفَرَّقَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنهمَا فَتَزَوَّجَهَا الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة
قَالَ وَهَذَا أَصَحّ مِنْ قَوْل مَنْ قَالَ زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَاَللَّه أَعْلَم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute