للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَى أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ لَهُمْ بَالنَّهْيِ وَإِنَّمَا أَشَارَ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُ ذَلِكَ (فَإِنَّهُ لَيْسَتْ مِنْ نَفْسٍ مَخْلُوقَةٍ إِلَّا اللَّهُ خَالِقُهَا) أَيْ كل نفس قدر الله خلقها لا بد أَنْ يَخْلُقَهَا سَوَاءٌ عَزَلَ أَحَدُكُمْ أَمْ لَا فَلَا فَائِدَةَ فِي الْعَزْلِ

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ الْعَزْلِ

قَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ مَا أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ كَرِهَ الْعَزْلَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمُ انْتَهَى (قَالَ أَبُو دَاوُدَ قزعة مولى زياد) أي بن أَبِي سُفْيَانَ وَقَزَعَةُ بَالْقَافِ وَالزَّاي وَبَعْدَهُمَا مُهْمَلَةٌ بفتحات هو بن يَحْيَى الْبَصْرِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وبن عُمَرَ وَعَنْهُ مُجَاهِدٌ وَعَاصِمُ الْأَحْوَلِ وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ

قال المنذري

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه فَالْيَهُود ظَنَّتْ أَنَّ الْعَزْل بِمَنْزِلَةِ الْوَأْد فِي إِعْدَام مَا اِنْعَقَدَ بِسَبَبِ خَلْقه فَكَذَّبَهُمْ فِي ذَلِكَ

وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ اللَّه خَلْقه مَا صَرَفَهُ أَحَد

وَأَمَّا تَسْمِيَته وَأْدًا خَفِيًّا فَلِأَنَّ الرَّجُل إِنَّمَا يَعْزِل عَنْ اِمْرَأَته هَرَبًا مِنْ الْوَلَد وَحِرْصًا عَلَى أَنْ لَا يَكُون

فَجَرَى قَصْده وَنِيَّته وَحِرْصه عَلَى ذَلِكَ مَجْرَى مَنْ أَعْدَمَ الْوَلَد بِوَأْدِهِ لَكِنَّ ذَاكَ وَأْد ظَاهِر مِنْ الْعَبْد فِعْلًا وَقَصْدًا

وَهَذَا وَأْد خَفِيّ لَهُ إِنَّمَا أَرَادَهُ وَنَوَاهُ عَزْمًا وَنِيَّة فَكَانَ خَفِيًّا

وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيّ تَعْلِيقًا عَنْ سُلَيْمَان التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي عَمْرو الشَّيْبَانِيِّ عن بن مَسْعُود فِي الْعَزْل قَالَ هُوَ الْوَأْد الْخَفِيّ

وَقَدْ اِخْتَلَفَ السَّلَف وَالْخَلَف فِي الْعَزْل فَقَالَ الشَّافِعِيّ وَغَيْره يُرْوَى عَنْ عَدَد مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ رَخَّصُوا فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَرَوْا بِهِ بَأْسًا

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَرُوِّينَا الرُّخْصَة فِيهِ مِنْ الصَّحَابَة عَنْ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص وَأَبِي أَيُّوب الْأَنْصَارِيّ وزيد بن ثابت وبن عَبَّاس وَغَيْرهمْ

وَذَكَرَ غَيْره أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عَلِيّ وَخَبَّاب بْن الْأَرَتّ وَجَابِر بْن عَبْد الله والمعروف عن علي وبن مَسْعُود كَرَاهَته

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَرَوَيْت عَنْهُمَا الرُّخْصَة وَرَوَيْت الرُّخْصَة مِنْ التَّابِعِينَ عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَطَاوُسٍ وَبِهِ قَالَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه

وَأَلْزَمَهُمْ الشَّافِعِيّ الْمَنْع مِنْهُ فَرُوِيَ عَنْ عَلِيّ وَعَبْد اللَّه بْن مَسْعُود الْمَنْع مِنْهُ ثُمَّ قَالَ وَلَيْسُوا يَأْخُذُونَ بِهَذَا وَلَا يَرَوْنَ بِالْعَزْلِ بَأْسًا ذَكَرَ ذَلِكَ فِيمَا خَالَفَ فِيهِ الْعِرَاقِيُّونَ عَلِيًّا وَعَبْد اللَّه

<<  <  ج: ص:  >  >>