. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
تَنْقَضِي عِدَّتهَا
وَإِذَا كَانَتْ الرَّجْعَة إِمْسَاكًا فَلَا رَيْب فِي وُجُوب إِمْسَاكهَا فِي زَمَن الْحَيْض وَتَحْرِيم طَلَاقهَا فَتَكُون وَاجِبَة
ثُمَّ اِخْتَلَفَ الْمُوجِبُونَ لِلرَّجْعَةِ فِي عِلَّة ذَلِكَ فَقَالَتْ طَائِفَة
إِنَّمَا أَمَرَهُ بِرَجْعَتِهَا لِيَقَع الطَّلَاق الَّذِي أَرَادَهُ فِي زَمَن الْإِبَاحَة وَهُوَ الطُّهْر الَّذِي لَمْ يَمَسّهَا فِيهِ فَلَوْ لَمْ يَرْتَجِعهَا لَكَانَ الطَّلَاق الَّذِي تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ الْأَحْكَام هُوَ الطَّلَاق الْمُحَرَّم وَالشَّارِع لَا يُرَتِّب الْأَحْكَام عَلَى طَلَاق مُحَرَّم فَأَمَرَ بِرَجْعَتِهَا لِيُطَلِّقهَا طَلَاقًا مُبَاحًا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ أَحْكَام الطَّلَاق
وَقَالَتْ طَائِفَة بَلْ أَمَرَهُ بِرَجْعَتِهَا عُقُوبَة لَهُ عَلَى طَلَاقهَا فِي زَمَن الْحَيْض فَعَاقَبَهُ بِنَقِيضِ قَصْده وَأَمَرَهُ بِارْتِجَاعِهَا عَكْس مَقْصُوده
وَقَالَتْ طَائِفَة بَلْ الْعِلَّة فِي ذَلِكَ أَنَّ تَحْرِيم الطَّلَاق فِي زَمَن الْحَيْض مُعَلَّل بِتَطْوِيلِ الْعِدَّة فَأَمَرَهُ بِرَجْعَتِهَا لِيَزُولَ الْمَعْنَى الَّذِي حَرُمَ الطَّلَاق فِي الْحَيْض لِأَجْلِهِ
وَقَالَ بَعْض الْمُوجِبِينَ إِنَّ أَبَى رَجْعَتهَا أُجْبِرَ عَلَيْهَا
فَإِنْ اِمْتَنَعَ ضُرِبَ وَحُبِسَ فَإِنْ أَصَرَّ حُكِمَ عَلَيْهِ بِرَجْعَتِهَا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ قَدْ رَدَّهَا عَلَيْهِ فَتَكُون اِمْرَأَته يَتَوَارَثَانِ وَيَلْزَمهُ جَمِيع حُقُوقهَا حَتَّى يُفَارِقهَا فِرَاقًا ثَانِيًا قَالَهُ أَصْبَغُ وَغَيْره مِنْ الْمَالِكِيَّة
ثُمَّ اِخْتَلَفُوا
فَقَالَ مَالِك يُجْبَر عَلَى الرَّجْعَة إِنْ طَهُرَتْ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّة لِأَنَّهُ وَقْت لِلرَّجْعَةِ
وَقَالَ أَشْهَب إِذَا طَهُرَتْ ثُمَّ حَاضَتْ ثُمَّ طَهُرَتْ لَمْ تَجِب رَجْعَتهَا فِي هَذِهِ الْحَال وَإِنْ كَانَتْ فِي الْعِدَّة لِأَنَّهُ لَا يَجِب عَلَيْهِ إِمْسَاكهَا فِي هَذِهِ الْحَال لِجَوَازِ طَلَاقهَا فِيهِ فَلَا يَجِب عَلَيْهِ رَجْعَتهَا فِيهِ إِذْ لَوْ وَجَبَتْ الرَّجْعَة فِي هَذَا الْوَقْت لَحَرُمَ الطلاق فيه
وقوله حَتَّى تَطْهُر ثُمَّ تَحِيض ثُمَّ تَطْهُر ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْد ذَلِكَ وَإِنْ شَاءَ طلق قال البيهقي أكثر الروايات عن بن عمر أن النبي أَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعهَا حَتَّى تَطْهُر ثُمَّ إِنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ فَإِنْ كَانَتْ الرواية عن سالم ونافع وبن دِينَار فِي أَمْره بِأَنْ يُرَاجِعهَا حَتَّى تَطْهُر ثُمَّ تَحِيض ثُمَّ تَطْهُر مَحْفُوظَة فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيّ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون إِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ الِاسْتِبْرَاء أَنْ يَسْتَبْرِئهَا بَعْد الْحَيْضَة الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا بِطُهْرٍ تَامّ ثُمَّ حَيْض تَامّ لِيَكُونَ تَطْلِيقهَا وَهِيَ تَعْلَم عِدَّتهَا أَبِالْحَمْلِ هِيَ أَمْ بِالْحَيْضِ أَوْ لِيَكُونَ تَطْلِيقهَا بَعْد عِلْمه بِالْحَمْلِ وهو