للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَهُ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِمُدَّةِ الْإِمْكَانِ مِنْهُ لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَصَارَ وَلَدًا يَجْرِي بَيْنَهُمَا التَّوَارُثُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَحْكَامِ الْوِلَادَةِ سَوَاءً كَانَ مُوَافِقًا لَهُ فِي الشَّبَهِ أَمْ مُخَالِفًا وَمُدَّةُ إِمْكَانِ كَوْنِهِ منه ست أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمَا

وَأَمَّا مَا تَصِيرُ بِهِ الْمَرْأَةُ فِرَاشًا فَإِنْ كَانَتْ زَوْجَةً صَارَتْ فِرَاشًا بِمُجَرَّدِ عَقْدِ النِّكَاحِ وَنَقَلُوا فِي هَذَا الْإِجْمَاعَ وَشَرَطُوا إِمْكَانَ الْوَطْءِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْفِرَاشِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَنْ نَكَحَ الْمَغْرِبِيُّ مَشْرِقِيَّةً وَلَمْ يُفَارِقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَطَنَهُ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَلْحَقْهُ لِعَدَمِ إِمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ

هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا أَبَا حَنِيفَةَ فَلَمْ يَشْتَرِطِ الْإِمْكَانَ بَلِ اكْتَفَى بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ قَالَ حَتَّى لَوْ طَلَّقَ عَقِبَ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ إِمْكَانِ وَطْءٍ فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنَ الْعَقْدِ لَحِقَهُ الْوَلَدُ

وَهَذَا ضَعِيفٌ ظَاهِرُ الْفَسَادِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي إِطْلَاقِ الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ وَهُوَ حُصُولُ الْإِمْكَانِ عِنْدَ الْعَقْدِ

هَذَا حُكْمُ الزَّوْجَةِ وَأَمَّا الْأَمَةُ فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ تَصِيرُ فِرَاشًا بَالْوَطْءِ وَلَا تَصِيرُ فِرَاشًا بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ حَتَّى لَوْ بَقِيَتْ فِي مِلْكِهِ سِنِينَ وَأَتَتْ بِأَوْلَادٍ وَلَمْ يَطَأْهَا وَلَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا لَا يَلْحَقُهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَإِذَا وَطِئَهَا صَارَتْ فِرَاشًا فَإِذَا أَتَتْ بَعْدَ الْوَطْءِ بِوَلَدٍ أَوْ أَوْلَادٍ لِمُدَّةِ الْإِمْكَانِ لَحِقُوهُ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا إِلَّا إِذَا وَلَدَتْ وَلَدًا وَاسْتَلْحَقَهُ فَمَا تَأْتِي بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ يَلْحَقُهُ إِلَّا إِنْ نَفِيَهُ انْتَهَى (وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ) الْعَاهِرُ الزَّانِي وَعَهَرَ زَنَى وَعَهَرَتْ زَنَتْ والعهر الزنى أَيْ وَلِلزَّانِي الْخَيْبَةُ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَلَدِ

وَعَادَةُ الْعَرَبِ أَنْ تَقُولَ لَهُ الْحَجَرُ وَبِفِيهِ الْأَثْلَبُ وَهُوَ التُّرَابُ وَنَحْوَ ذَلِكَ يُرِيدُونَ لَيْسَ لَهُ إِلَّا الْخَيْبَةُ

وَقِيلَ الْمُرَادُ بَالْحَجَرِ هُنَا أَنَّهُ يُرْجَمُ بَالْحِجَارَةِ وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ زَانٍ يُرْجَمُ وَإِنَّمَا يُرْجَمُ الْمُحْصَنُ خَاصَّةً وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ رَجْمِهِ نَفْيُ الْوَلَدِ عَنْهُ

وَالْحَدِيثُ إِنَّمَا وَرَدَ فِي نَفْيِ الولد عنه (واحتجبي منه) أي من بن أمة زمعة (ياسودة) هِيَ بِنْتُ زَمْعَةَ زَوْجَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

رِوَايَة هُوَ لَك عَبْد فَإِنَّمَا هِيَ عَلَى إِسْقَاط حَرْف النِّدَاء كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يُوسُف أَعْرِض عَنْ هَذَا} وَلَا يُتَصَوَّر أَنْ يَجْعَلهُ عَبْدًا لَهُ وَقَدْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاش أَبِيهِ وَيَحْكُم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ الْوَلَد لِلْفِرَاشِ

وَهَذِهِ الزِّيَادَة الَّتِي ذَكَرهَا أَبُو دَاوُدَ وَهِيَ قَوْله هُوَ أَخُوك يَا عَبْد تَرْفَع الْإِشْكَال وَرِجَال إِسْنَادهَا ثِقَات

وَلَوْ لَمْ تَأْتِ فَالْحَدِيث إِنَّمَا يَدُلّ عَلَى إِلْحَاقه بِعَبْدِ أَخًا لَهُ

وَأَمَّا أَمْره سَوْدَة وَهِيَ أُخْته بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ فَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ تَبْعِيض أَحْكَام النَّسَبِ فَيَكُون أَخَاهَا فِي التَّحْرِيم وَالْمِيرَاث وَغَيْره وَلَا يَكُون أَخَاهَا فِي الْمَحْرَمِيَّة وَالْخَلْوَة وَالنَّظَر إِلَيْهَا لِمُعَارَضَةِ الشَّبَه لِلْفِرَاشِ فَأَعْطَى الْفِرَاش حُكْمه مِنْ ثُبُوت الْحُرْمَة وَغَيْرهَا وَأَعْطَى الشَّبَه حُكْمه مِنْ عَدَم ثُبُوت الْمَحْرَمِيَّة لِسَوْدَة

وَهَذَا بَاب مِنْ دَقِيق الْعِلْم وَسِرُّهُ لَا يَلْحَظُهُ إِلَّا الْأَئِمَّةُ الْمُطَّلِعُونَ عَلَى أَغْوَاره الْمَعْنِيُّونَ بِالنَّظَرِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>