للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ النَّوَوِيُّ أَمَرَهَا بِهِ نَدْبًا وَاحْتِيَاطًا لِأَنَّهُ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ أَخُوهَا لِأَنَّهُ أُلْحِقَ بِأَبِيهَا لَكِنْ لَمَّا رَأَى الشَّبَهَ الْبَيِّنَ بِعُتْبَةَ خَشِيَ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَائِهِ فَيَكُونُ أَجْنَبِيًّا مِنْهَا فَأَمَرَهَا بَالِاحْتِجَابِ مِنْهُ احْتِيَاطًا

قَالَ الْمَازِرِيُّ وَزَعَمَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَهَا بَالِاحْتِجَابِ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ احْتَجِبِي مِنْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِأَخٍ لَكِ وَقَوْلُهُ لَيْسَ بِأَخٍ لَكِ لَا يُعْرَفُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَلْ هِيَ زِيَادَةٌ بَاطِلَةٌ مَرْدُودَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى (فَقَالَ هُوَ أخوك ياعبد) وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَوَقَعَ فِي أخرى له ولغيره بلفظ هو لك ياعبد بْنُ زَمْعَةَ وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ لَكَ لِلِاخْتِصَاصِ لَا لِلتَّمْلِيكِ كَمَا قِيلَ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

(ابْنِي) خَبَرُ إِنَّ (عَاهَرْتُ) أَيْ زَنَيْتُ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِإِثْبَاتِ الدَّعْوَةِ (لَا دِعْوَةَ) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ لَا دَعْوَى نَسَبٍ

قَالَ فِي النِّهَايَةِ الدِّعْوَةُ بَالْكَسْرِ فِي النَّسَبِ وَهُوَ أَنْ يَنْتَسِبَ الْإِنْسَانُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَعَشِيرَتِهِ وَقَدْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فَنُهِيَ عَنْهُ وَجُعِلَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ إِلَخْ) تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

مَأْخَذ الشَّرْع وَأَسْرَاره وَمَنْ نَبَا فَهْمه عَنْ هَذَا وَغَلُظَ عَنْهُ طَبْعه فَلْيَنْظُرْ إِلَى الْوَلَد من الرضاعة كيف هو بن فِي التَّحْرِيم لَا فِي الْمِيرَاث وَلَا فِي النَّفَقَة وَلَا فِي الْوِلَايَة وَهَذَا يَنْفَع فِي مَسْأَلَة الْبِنْت الْمَخْلُوقَة مِنْ مَاء الزَّانِي فَإِنَّهَا بِنْته فِي تَحْرِيم النِّكَاح عَلَيْهِ عِنْد الْجُمْهُور وَلَيْسَتْ بِنْته فِي الْمِيرَاث وَلَا فِي النَّفَقَة وَلَا فِي الْمَحْرَمِيَّة

وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا مِنْ أَسْرَار الْفِقْه وَمُرَاعَاة الْأَوْصَاف الَّتِي تَتَرَتَّب عَلَيْهَا الْأَحْكَام وَتَرْتِيب مُقْتَضَى كُلّ وَصْف عَلَيْهِ

وَمَنْ تَأَمَّلَ الشَّرِيعَة أَطْلَعَتْهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَسْرَارٍ وَحِكَم تُبْهِر النَّاظِر فِيهَا

وَنَظِير هَذَا مَا لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ عَلَى سَارِقٍ أَنَّهُ سَرَقَ مَتَاعه ثَبَتَ حُكْم السَّرِقَة فِي ضَمَان الْمَال عَلَى الصَّحِيح وَلَمْ يَثْبُت حُكْمهَا فِي وُجُوب الْقَطْع اِتِّفَاقًا فَهَذَا سَارِق مِنْ وَجْه دُون وَجْه وَنَظَائِره كَثِيرَة

فَإِنْ قِيلَ فَكَيْف تَصْنَعُونَ فِي الرِّوَايَة الَّتِي جَاءَتْ فِي هذا الحديث واحتجبي منه ياسودة فَإِنَّهُ لَيْسَ لَك بِأَخٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>