لُحُومِ الْإِبِلِ أَيْضًا وَرَدَّهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ حَدِيثَ تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ عَامُّ وَحَدِيثَ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ خَاصٌّ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ على العام
وقال بن المقيم وَأَمَّا مَنْ يَجْعَلُ كَوْنَ لَحْمِ الْإِبِلِ هُوَ الْمُوجِبُ لِلْوُضُوءِ سَوَاءٌ مَسَّتْهُ النَّارُ أَوْ لَمْ تمسه فيوجب الوضوء من نيه وَمَطْبُوخِهِ وَقَدِيدِهِ فَكَيْفَ يُحْتَجُّ عَلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ حَتَّى لَوْ كَانَ لَحْمُ الْإِبِلِ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِهِ فَإِنَّمَا يَكُونُ دَلَالَتُهُ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ فكيف يقدم على الخاص
(لا توضؤوا مِنْهَا) لِأَنَّ لُحُومَهَا لَيْسَتْ نَاقِضَةً لِلْوُضُوءِ وَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْوُضُوءِ اللُّغَوِيِّ يَعْنِي الْمَضْمَضَةَ وَغَسْلَ الْيَدَيْنِ فَدَعْوَاهُ مُحْتَاجَةٌ إِلَى بَيِّنَةٍ وَاضِحَةٍ (فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ) عَلَى وَزْنِ مَسَاجِدَ جَمْعُ مَبْرَكٍ كَجَعْفَرٍ وَهُوَ مَوْضِعُ بُرُوكِ الْإِبِلِ يُقَالُ بَرَكَ الْبَعِيرُ بُرُوكًا وَقَعَ عَلَى بَرْكِهِ وَهُوَ صَدْرُهُ
كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ بَرَكَ الْبَعِيرُ يَبْرُكُ بُرُوكًا أَيِ اسْتَنَاخَ (فَإِنَّهَا مِنَ الشَّيَاطِينِ) أَيِ الْإِبِلِ تَعْمَلُ عَمَلَ الشَّيَاطِينِ وَالْأَجِنَّةِ لِأَنَّ الْإِبِلَ كَثِيرَةُ الشَّرِّ فَتُشَوِّشُ قَلْبَ الْمُصَلِّي وَرُبَّمَا نَفَرَتْ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَتُؤَدِّي إِلَى قَطْعِهَا أَوْ أَذًى يَحْصُلُ لَهُ مِنْهَا فَبِهَذِهِ الْوُجُوهِ وُصِفَتْ بِأَعْمَالِ الشَّيَاطِينِ وَالْجِنِّ
قَالَ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ فَإِنَّهَا مِنَ الشياطين على حقيقة وَأَنَّهَا أَنْفُسَهَا شَيَاطِينٌ وَقَدْ قَالَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِنَّ الشَّيْطَانَ كُلُّ عَاتٍ مُتَمَرِّدٍ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالدَّوَابِّ
انْتَهَى
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ) جَمْعُ مَرْبِضٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَآخِرُهَا ضَادٌ مُعْجَمَةٌ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْمَرَابِضُ كَالْمَعَاطِنِ لِلْإِبِلِ قَالَ وَرُبُوضُ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْفَرَسِ مِثْلُ بُرُوكِ الْإِبِلِ وَجُثُومِ الطَّيْرِ (فَإِنَّهَا بَرَكَةٌ) زَادَ الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهَا سَكِينَةٌ وَبَرَكَةٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْغَنَمَ فِيهَا تَمَرُّدٌ وَلَا شِرَادٌ بَلْ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
أَخْطَأَ فِيهِ فَقَالَ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ وَإِنَّمَا هُوَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ رَجُل مَشْهُور وَهُوَ مِنْ وَلَد جَابِرِ بْنِ سمرة رَوَى عَنْ سَمَّاكِ بْنِ حَرْبٍ وَعُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوهَبٍ وَأَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ
قَالَ بن خزيمة وهؤلاء الثلاثة من أجلة رُوَاة الْحَدِيثِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَمَنْ رَوَى عَنْهُ مِثْل هَؤُلَاءِ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُون مَجْهُولًا وَلِهَذَا أَوْدَعَهُ مُسْلِمٌ كِتَابَهُ الصَّحِيحَ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ