للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هِيَ ضَعِيفَةٌ وَفِيهَا سَكِينَةٌ فَلَا تُؤْذِي الْمُصَلِّي وَلَا تَقْطَعُ صَلَاتَهُ فَهِيَ ذُو (ذَاتُ) بَرَكَةٍ فَصَلُّوا فِي مَرَابِطِهَا

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ وَعَلَى جَوَازِهَا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ بِحَالٍ قَالَ وَمَنْ صَلَّى فِيهَا أَعَادَ أَبَدًا

وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ لَا يَجِدُ إِلَّا عَطَنَ الْإِبِلِ قَالَ لَا يُصَلِّي قِيلَ فَإِنْ بَسَطَ عَلَيْهِ ثوبا قال لا

وقال بن حَزْمٍ لَا تَحِلُّ فِي عَطَنِ الْإِبِلِ

وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إِلَى حَمْلِ النَّهْيِ عَلَى الْكَرَاهَةِ مَعَ عَدَمِ النَّجَاسَةِ وَعَلَى التَّحْرِيمِ مَعَ وُجُودِهَا

وَهَذَا إِنَّمَا يَتِمُّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ هِيَ النَّجَاسَةُ وَذَلِكَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى نَجَاسَةِ أبوال الإبل وأزبالها وستعرف بعيد هَذَا تَحْقِيقَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الصَّوَابِ

وَلَوْ سَلَّمْنَا النَّجَاسَةَ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ جَعْلُهَا عِلَّةً لِأَنَّ الْعِلَّةَ لَوْ كَانَتِ النَّجَاسَةَ لَمَا افْتَرَقَ الْحَالُ بَيْنَ أَعْطَانِهَا وَبَيْنَ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْفَهَانِيُّ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ لَمْ نَرَ خِلَافًا بَيْن عُلَمَاء الْحَدِيث أَنَّ هَذَا الْخَبَر صَحِيح مِنْ جِهَة النَّقْل لِعَدَالَةِ نَاقِلِيهِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَرُوِّينَا عن علي بن أبي طالب وبن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ الْوُضُوء مِمَّا خَرَجَ وَلَيْسَ مِمَّا دَخَلَ وَإِنَّمَا قَالَا ذَلِكَ فِي تَرْك الْوُضُوء مِمَّا مَسَّتْ النَّار

ثُمَّ ذَكَرَ عن بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ أُتِيَ بِقَصْعَةٍ مِنْ الْكَبِد وَالسَّنَام مِنْ لَحْم الْجَزُور فَأَكَلَ وَلَمْ يَتَوَضَّأ قَالَ وَهَذَا مُنْقَطِع وَمَوْقُوف

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَأْكُل مِنْ أَلْوَان الطَّعَام وَلَا يَتَوَضَّأ مِنْهُ

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَبِمِثْلِ هَذَا لَا يُتْرَك مَا ثَبَتَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

هَذَا كَلَامه فِي السُّنَن الْكَبِير

وَهُوَ كَمَا تَرَى صَرِيح فِي اِخْتِيَاره الْقَوْل بِأَحَادِيث النَّقْض

واختاره بن خُزَيْمَةَ

وَمِنْ الْعَجَب مُعَارَضَة هَذِهِ الْأَحَادِيث بِحَدِيثِ جابر كان آخر الأمرين من رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْك الْوُضُوء مِمَّا مَسَّتْ النَّار وَلَا تَعَارُض بَيْنهمَا أَصْلًا فَإِنَّ حَدِيث جَابِرٍ هَذَا إِنَّمَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ كَوْنه مَمْسُوسًا بِالنَّارِ لَيْسَ جِهَة مِنْ جِهَات نَقْضِ الْوُضُوء وَمَنْ نَازَعَكُمْ فِي هَذَا نَعَمْ هَذَا يَصْلُح أَنْ يَحْتَجُّوا بِهِ عَلَى مَنْ يُوجِب الْوُضُوء مِمَّا مَسَّتْ النَّار عَلَى صُعُوبَة تَقْرِير دَلَالَته وَأَمَّا مَنْ يَجْعَل كَوْن اللَّحْم لَحْم إِبِل هُوَ الْمُوجِب لِلْوُضُوءِ سَوَاء مَسَّتْهُ النَّار أَمْ لَمْ تَمَسّهُ فَيُوجِب الْوُضُوء مِنْ نِيئِهِ وَمَطْبُوخه وَقَدِيده فَكَيْف يُحْتَجّ عَلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيث وَحَتَّى لَوْ كَانَ لَحْم الْإِبِل فَرْدًا مِنْ أَفْرَاده فَإِنَّمَا تَكُون دَلَالَته بِطَرِيقِ الْعُمُوم فَكَيْف يُقَدَّم عَلَى الْخَاصّ هَذَا مَعَ أَنَّ الْعُمُوم لَمْ يُسْتَفَدْ ضِمْنًا مِنْ كَلَام صَاحِب الشَّرْع وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْل الرَّاوِي

وَأَيْضًا فَأَبْيَن مِنْ هَذَا كُلّه أَنَّهُ لَمْ يَحْكِ لَفْظًا لَا خَاصًّا وَلَا عَامًّا وَإِنَّمَا حَكَى أَمْرَيْنِ هُمَا فِعْلَانِ أَحَدهمَا مُتَقَدِّم وَهُوَ فِعْل الْوُضُوء وَالْآخَر مُتَأَخِّر وَهُوَ تَرْكه مِنْ مَمْسُوس النَّار فَهَاتَانِ وَاقِعَتَانِ تَوَضَّأَ فِي إِحْدَاهُمَا وَتَرَكَ فِي الْأُخْرَى مِنْ شَيْء مُعَيَّن مَسَّتْهُ النَّار لَمْ يَحْكِ لَفْظًا عَامًّا وَلَا خَاصًّا يُنْسَخ بِهِ اللَّفْظ الصَّرِيح الصَّحِيح

وَأَيْضًا فَإِنَّ الْحَدِيث قَدْ جَاءَ مُثْبِتًا مِنْ رِوَايَة جَابِرٍ نَفْسه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دُعِيَ إِلَى طَعَام فَأَكَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>