للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَرَابِضِ الْغَنَمِ إِذْ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ أَرْوَاثِ كُلٍّ مِنَ الْجِنْسَيْنِ وَأَبْوَالِهَا كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ بَلْ حِكْمَةُ النَّهْيِ مَا فِيهَا مِنَ النُّفُورِ وَالتَّمَرُّدِ وَالشِّرَادِ وَبِهَذَا عَلَّلَ النَّهْيَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابُ مَالِكٍ وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِحَدِيثِ الْبَابِ أَيْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ مَنْ قَالَ بِطَهَارَةِ أَبْوَالِ الْغَنَمِ وَأَبْعَارِهَا قَالُوا لِأَنَّ مَرَابِضَ الْغَنَمِ لَا تَخْلُو مِنْ ذَلِكَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يُبَاشِرُونَهَا فِي صَلَاتِهِمْ فَلَا تَكُونُ نَجِسَةً وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ الْمَسْجِدَ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَبَوَّبَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ لِذَلِكَ بَابًا وَقَالَ بَابُ أَبْوَالِ الْإِبِلِ وَالدَّوَابِّ وَالْغَنَمِ وَمَرَابِضِهَا وَصَلَّى أَبُو مُوسَى فِي دَارِ البريد والسرقين والبرية في جنبه فقال ها هنا وَثَمَّ سَوَاءٌ قُلْتُ السِّرْقِينُ هُوَ الزِّبْلُ وَالْبَرِيَّةُ الصَّحْرَاءُ مَنْسُوبَةٌ إِلَى الْبَرِّ وَدَارُ الْبَرِيدِ مَوْضِعٌ بِالْكُوفَةِ كَانَتِ الرُّسُلُ تَنْزِلُ فِيهِ إِذَا حَضَرَتْ مِنَ الْخُلَفَاءِ إِلَى الْأُمَرَاءِ وَكَانَ أَبُو مُوسَى أَمِيرًا عَلَى الْكُوفَةِ فِي زَمَنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عنه

وقوله ها هنا وَثَمَّ سَوَاءٌ يُرِيدُ أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ

وَحَدِيثُ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ أُنَاسٍ مِنْ عُرَيْنَةَ الَّذِينَ أَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِقَاحٍ وَأَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى طَهَارَةِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ أَيْضًا

قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَأَمَّا شُرْبُهُمُ الْبَوْلَ فَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِطَهَارَتِهِ أَمَّا مِنَ الْإِبِلِ فَبِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَمَّا مِنْ مَأْكُولِ اللَّحْمِ فَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ انْتَهَى

وَذَهَبَ إِلَى طَهَارَةِ بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَرَوْثِهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ وأحمد بن حنبل وعطاء والثوري وبن أَبِي لَيْلَى وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُورُ وَالْقَوِيُّ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلِ وَسَمِعْتُ شَيْخَنَا الْعَلَّامَةَ الْمُحَدِّثَ الْفَقِيهَ سُلْطَانَ الْعُلَمَاءِ السَّيِّدَ مُحَمَّد نَذِير حُسَيْن الدَّهْلَوِيَّ أَدَامَ اللَّهُ بَرَكَاتِهِ عَلَيْنَا يَقُولُ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يَقُولُ أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الغاية فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيهِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ وَالْتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْ فَأَخَذْتُ رَوْثَةً فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ وَقَالَ هَذَا رِكْسٌ فَلَا تَدُلُّ عَلَى نَجَاسَةِ عُمُومِ الرَّوْثَةِ لأنه صرح بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ فِي رِوَايَةٍ لَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا كَانَتْ رَوْثَةَ حِمَارٍ

عَلَى أَنْ نَقَلَ التَّيْمِيُّ أَنَّ الرَّوْثَ مُخْتَصٌّ مِنَ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَإِنَّا لَا نَقُولُ بِطَهَارَةِ رَوْثِ الْبِغَالِ وَالْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ

وَأَمَّا النَّهْيُ عَنِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالرَّوْثَةِ مُطْلَقًا فَقَدْ جَاءَتْ عِلَّةُ النَّهْيِ عنه كونها من أم الْجِنِّ لَا مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا نَجِسَةٌ وَذَهَبَ الإمام الشافعي

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

ثُمَّ حَضَرَتْ الظُّهْر فَقَامَ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَكَلَ فَحَضَرَتْ الْعَصْر فَقَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأ فَكَأَنَّ آخِر الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُول اللَّه النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْك الْوُضُوء مِمَّا مَسَّتْ النَّار

فَالْحَدِيث لَهُ قِصَّة فَبَعْض الرُّوَاة اِقْتَصَرَ عَلَى مَوْضِع الْحُجَّة فَحَذَفَ الْقِصَّة وَبَعْضهمْ ذَكَرَهَا وَجَابِرٌ رَوَى الْحَدِيث بِقِصَّتِهِ

وَاللَّهُ أَعْلَم

<<  <  ج: ص:  >  >>