للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي مِثْلِ هَذَا فَقَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ الْقَضَاءُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَقَالَ إِسْحَاقُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَيُمْسِكُ بَقِيَّةَ النَّهَارِ عَنِ الْأَكْلِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَشَبَّهُوهُ بِمَنْ أَكَلَ نَاسِيًا فِي الصَّوْمِ

قال الخطابي الناس لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْتَرِزَ مِنَ الْأَكْلِ نَاسِيًا وَهَذَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَمْكُثَ فَلَا يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ غَيْبُوبَةَ الشَّمْسِ فَالنِّسْيَانُ خَطَأٌ فِي الْفِعْلِ وَهَذَا خَطَأٌ فِي الْوَقْتِ وَالزَّمَانِ وَالتَّحَرُّزُ مُمْكِنٌ انْتَهَى (قَالَ أَبُو أُسَامَةَ) هُوَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ اللَّيْثِيُّ (أُمِرُوا) مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ (بَالْقَضَاءِ قَالَ) هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ (وَبُدٌّ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ هَلْ بُدٌّ مِنْ قَضَاءٍ فَحَرْفُ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

أَسْلَمَ أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب أَفْطَرَ ذَات يَوْم فِي رَمَضَان فِي يَوْم ذِي غَيْم وَرَأَى أَنَّهُ قَدْ أَمْسَى وَغَابَتْ الشَّمْس فَجَاءَهُ رَجُل فَقَالَ لَهُ يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ قَدْ طَلَعَتْ الشَّمْس فَقَالَ عُمَرَ الْخَطْب يَسِير وَقَدْ اِجْتَهَدْنَا قَالَ مَالِك يُرِيد بِقَوْلِهِ الْخَطْب يَسِير الْقَضَاء فِيمَا نَرَى

وَاَللَّه أَعْلَم

وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهَذَا لَا يُنَاقِض الْأَثَر الْمُتَقَدِّم

وَقَوْله وَقَدْ اِجْتَهَدْنَا مُؤْذِن بِعَدَمِ الْقَضَاء

وَقَوْله الْخَطْب يَسِير إِنَّمَا هُوَ تَهْوِينٌ لِمَا فَعَلُوهُ وَتَيْسِير لِأَمْرِهِ

وَلَكِنْ قَدْ رَوَاهُ الْأَثْرَم وَالْبَيْهَقِيّ عَنْ عُمَر وَفِيهِ مَنْ كَانَ أَفْطَرَ فَلْيَصُمْ يَوْمًا مَكَانه وَقَدَّمَ الْبَيْهَقِيّ هَذِهِ الرِّوَايَة عَلَى رِوَايَة زَيْد بْن وَهْب وَجَعَلَهَا خَطَأ وَقَالَ تَظَاهَرَتْ الرِّوَايَات بِالْقَضَاءِ قَالَ وَكَانَ يَعْقُوب بْن سُفْيَان الْفَارِسِيّ يَحْمِل عَلَى زَيْد بْن وَهْب بِهَذِهِ الرِّوَايَة الْمُخَالِفَة لِلرِّوَايَاتِ الْمُتَقَدِّمَة قَالَ وَزَيْد ثِقَة إِلَّا أَنَّ الْخَطَأ عَلَيْهِ غَيْر مَأْمُون

وَفِيمَا قَالَهُ نَظَر فَإِنَّ الرِّوَايَة لَمْ تَتَظَاهَر عَنْ عُمَر بِالْقَضَاءِ وَإِنَّمَا جَاءَتْ مِنْ رِوَايَة عَلِيّ بْن حَنْظَلَة عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ أَبُوهُ صَدِيقًا لِعُمَر فَذَكَر الْقِصَّة وَقَالَ فِيهَا مَنْ كَانَ أَفْطَرَ فَلْيَصُمْ يَوْمًا مَكَانه

وَقَدَّمَ الْبَيْهَقِيّ هَذِهِ الرِّوَايَة عَلَى رِوَايَة زَيْد بْن وَهْب وَجَعَلَهَا خَطَأ وَقَالَ تَظَاهَرَتْ الرِّوَايَات بِالْقَضَاءِ قَالَ وَكَانَ يَعْقُوب بْن سُفْيَان الْفَارِسِيّ يَحْمِل عَلَى زَيْد بْن وَهْب بِهَذِهِ الرِّوَايَة الْمُخَالِفَة لِلرِّوَايَاتِ الْمُتَقَدِّمَة قَالَ وَزَيْد ثِقَة إِلَّا أَنَّ الْخَطَأ عَلَيْهِ غَيْر مَأْمُون وَفِيمَا قَالَهُ نَظَر فَإِنَّ الرِّوَايَة لَمْ تَتَظَاهَر عَنْ عُمَر بِالْقَضَاءِ وَإِنَّمَا جَاءَتْ مِنْ رِوَايَة عَلِيّ بْن حَنْظَلَة عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ أَبُوهُ صَدِيقًا لِعُمَر فَذَكَر الْقِصَّة وَقَالَ فِيهَا مَنْ كَانَ أَفْطَرَ فَلْيَصُمْ يَوْمًا مَكَانه وَلَمْ أَرَ الْأَمْر بِالْقَضَاءِ صَرِيحًا إِلَّا فِي هَذِهِ الرِّوَايَة وَأَمَّا رِوَايَة مَالِك فَلَيْسَ فِيهَا ذِكْر لِلْقَضَاءِ وَلَا لِعَدَمِهِ فَتَعَارَضَتْ رِوَايَة حَنْظَلَة وَرِوَايَة زَيْد بُنَّ وَهْب وَتَفْضُلهَا رِوَايَة زَيْد بْن وَهْب بِقَدْرِ مَا بَيْن حَنْظَلَة وَبَيْنه مِنْ الْفَضْل وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ فِيهِ نَظَر عَنْ صُهَيْب أَنَّهُ أَمَرَ أَصْحَابه بِالْقَضَاءِ فِي قِصَّةٍ جَرَتْ لَهُمْ مِثْل هَذِهِ فَلَوْ قُدِّرَ تَعَارُض الْآثَار عَنْ عُمَر لَكَانَ الْقِيَاس يَقْتَضِي سُقُوط الْقَضَاء لِأَنَّ الْجَهْل بِبَقَاءِ الْيَوْم كَنِسْيَانِ نَفْس الصَّوْم وَلَوْ أَكَلَ نَاسِيًا لِصَوْمِهِ لَمْ يَجِب عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ وَالشَّرِيعَة لَمْ تُفَرِّق بَيْن الْجَاهِل وَالنَّاسِي فَإِنَّ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا قَدْ فَعَلَ مَا يَعْتَقِد جَوَازه وَأَخْطَأَ فِي فِعْله وَقَدْ اِسْتَوَيَا فِي أَكْثَر الْأَحْكَام وَفِي رفع الآثام فَمَا الْمُوجِب لِلْفَرْقِ بَيْنهمَا فِي هَذَا الْمَوْضِع وقد جعل أصحاب الشافعي وغيرهم الجاهل المخطىء أَوْلَى بِالْعُذْرِ مِنْ النَّاسِي فِي مَوَاضِع مُتَعَدِّدَة وَقَدْ يُقَال إِنَّهُ فِي صُورَة الصَّوْم أَعْذَر مِنْهُ فَإِنَّهُ مَأْمُور بِتَعْجِيلِ الْفِطْر اِسْتِحْبَابًا فَقَدْ بَادَرَ إِلَى أَدَاء مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>