جماعة من الأئمة مالك بن أنس وبن شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالنَّسَائِيُّ فَلَا تَغْتَرَّ بِتَحْسِينِ التِّرْمِذِيِّ وَتَصْحِيحِ الْحَاكِمِ وَإِنْ ثَبَتَ تَحْسِينُهُ فَلَا يُعَارِضُ حَدِيثُ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الَّذِي اتَّفَقَ عليه الشيخان
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
للمشركين فأنا أحب أن أخالفهم وصححه بعض الحفاظ
فهذا نص في استحباب صوم يوم عيدهم لأجل مخالفتهم فكيف نعلل كراهة صومه بكونه عيدا لهم وفي جامع الترمذي عَنْ عَائِشَة قَالَتْ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُوم مِنْ الشَّهْر السَّبْت وَالْأَحَد وَالِاثْنَيْنِ
وَمِنْ الشَّهْر الْآخَر الثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء والخميس قال الترمذي حديث حسن
وقد روى بن مهدي هذا الحديث عن سفيان ولم يرفعه
وهذان الحديثان ليسا بحجة على من كره إفراد السبت بالصوم
وعلله طائفة بأنهم يتركون العمل فيه والصوم مظنة ذلك فإنه إذا ضم إليه الأحد زال الإفراد المكروه وحصلت المخالفة بصوم يوم فطرهم وزال عنها صورة التعظيم المكروه بعدم التخصيص المؤذن بالتعظيم فاتفقت بحمد الله الأحاديث وزال عنها الاضطراب والاختلاف وتبين تصديق بعضها بعضا
فإن قيل
فما تقولون في صوم يوم النيروز والمهرجان ونحوهما من أعياد المشركين قِيلَ قَدْ كَرِهَهُ كَثِير مِنْ الْعُلَمَاء وَأَكْثَر أَصْحَاب أَحْمَد عَلَى الْكَرَاهَة
قَالَ أَحْمَد فِي رِوَايَة اِبْنه عَبْد اللَّه حَدَّثَنَا وَكِيع عَنْ سُفْيَان عَنْ رَجُل عَنْ أَنَس وَالْحَسَن أَنَّهُمَا كَرِهَا صَوْم يَوْم النَّيْرُوز وَالْمِهْرَجَان قَالَ عَبْد اللَّه قَالَ أَبِي الرَّجُل أَبَان بْن أَبِي عَيَّاش
فَلَمَّا أَجَابَ أَحْمَد بِهَذَا الْجَوَاب لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ صِيَام هَذَيْنَ الْيَوْمَيْنِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ اِخْتَارَهُ
وَهَذِهِ إِحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ لِأَصْحَابِهِ فِي مِثْل ذَلِكَ
وَقِيلَ لَا يَكُون هَذَا اِخْتِيَارًا لَهُ وَلَا يُنْسَب إِلَيْهِ الْقَوْل الَّذِي حَكَاهُ وَأَكْثَر الْأَصْحَاب عَلَى الْكَرَاهَة وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّهُمَا يَوْمَانِ يُعَظِّمُهُمَا الْكُفَّار فَيَكُون تَخْصِيصهمَا بِالصِّيَامِ دُون غَيْرهمَا مُوَافَقَة لَهُمْ فِي تَعْظِيمهمَا فَكُرِهَ كَيَوْمِ السَّبْت
قَالَ صَاحِب الْمُغْنِي وَعَلَى قِيَاس هَذَا كُلّ عِيد لِلْكُفَّارِ أَوْ يَوْم يُفْرِدُونَهُ بِالتَّعْظِيمِ
قَالَ شَيْخُنَا أَبُو الْعَبَّاس بْن تَيْمِيَّةَ قَدَّسَ اللَّه رُوحه وَقَدْ يُقَال يُكْرَه صَوْم يَوْم النَّيْرُوز وَالْمِهْرَجَان وَنَحْوهمَا مِنْ الْأَيَّام الَّتِي لَا تُعْرَف بِحِسَابِ الْعَرَب بِخِلَافِ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيث مِنْ يَوْم السَّبْت وَالْأَحَد لِأَنَّهُ إِذَا قَصَدَ صَوْم مِثْل هَذَا الْأَيَّام الْعَجَمِيَّة أَوْ الْجَاهِلِيَّة كَانَ ذَرِيعَة إِلَى إِقَامَة شِعَار هَذِهِ الْأَيَّام وَإِحْيَاء أَمْرهَا وَإِظْهَار حَالهَا بِخِلَافِ السَّبْت وَالْأَحَد فَإِنَّهُمَا مِنْ حِسَاب الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ فِي صَوْمهمَا مَفْسَدَة فَيَكُون اِسْتِحْبَاب صَوْم أَعْيَادهمْ الْمَعْرُوفَة بِالْحِسَابِ الْعَرَبِيِّ الْإِسْلَامِيِّ مَعَ كَرَاهَة الْأَعْيَاد الْمَعْرُوفَة بِالْحِسَابِ الْجَاهِلِيِّ الْعَجَمِيِّ تَوْفِيقًا بَيْن الْآثَار
والله أعلم