أَفْطَرَ) مَعْنَاهُ لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ وَقَدْ تُوضَعُ لَا بِمَوْضِعِ لَمْ كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ فَلَا صدق ولا صلى أَيْ لَا تَصَدَّقَ وَلَمْ يُصَلِّ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ الدُّعَاءُ عَلَيْهِ كَرَاهَةً لِصُنْعِهِ وَزَجْرًا لَهُ عَنْ ذَلِكَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ مِنْ صَوْمِ الدَّهْرِ
هُوَ أَنْ يَسْرُدَ الصِّيَامَ أَيَّامَ السَّنَةِ كُلِّهَا لَا يُفْطِرُ مِنْهَا الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّ عَنْ صِيَامِهَا
وَقَدْ سَرَدَ الصَّوْمَ دَهْرَهُ أَبُو طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيُّ وَكَانَ لَا يُفْطِرُ فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ فَلَمْ يُعِبْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نها عَنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَعَالِمِ (وَدِدْتُ أَنِّي طُوِّقْتُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (ذَلِكَ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا خَافَ الْعَجْزَ عَنْ ذَلِكَ لِلْحُقُوقِ الَّتِي تَلْزَمُهُ لِنِسَائِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُخِلُّ بِحُظُوظِهِنَّ مِنْهُ لَا لِضَعْفِ جِبِلَّتِهِ عَنِ احْتِمَالِ الصِّيَامِ أَوْ قِلَّةِ صَبْرِهِ عَنِ الطَّعَامِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ
قَالَ النَّوَوِيُّ قِيلَ مَعْنَاهُ وَدِدْتُ أَنَّ أُمَّتِي تُطَوِّقُهُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُطِيقُهُ وَأَكْثَرَ مِنْهُ وَكَانَ يواصل
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
مُسْتَحَبًّا لَكَانَ أَكْثَر عَمَلًا فَيَكُون أَفْضَل إِذْ الْعِبَادَة لَا تَكُون إِلَّا رَاجِحَة فَلَوْ كَانَ عِبَادَة لَمْ يَكُنْ مَرْجُوحًا
وَقَدْ تَأَوَّلَ قَوْم هَذَا عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى لَا أَفْضَل مِنْ ذَلِكَ لِلْمُخَاطَبِ وَحْده لِمَا عُلِمَ مِنْ حَاله وَمُنْتَهَى قُوَّته وَأَنَّ مَا هُوَ أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ يُضْعِفهُ عَنْ فَرَائِضه وَيَقْطَعهُ عَنْ الْقِيَام بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوق وَهَذَا تَأْوِيل بَاطِل مِنْ وُجُوه
أَحَدهَا أَنَّ سِيَاق الْحَدِيث يَرُدّهُ فَإِنَّهُ إِنَّمَا كَانَ عَنْ الْمُطِيق فَإِنَّهُ قَالَ فَإِنِّي أُطِيق أَفْضَل مِنْ ذَلِكَ فَسَبَب الْحَدِيث فِي الْمُطِيق فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَا أَفْضَل مِنْ ذَلِكَ لِلْمُطِيقِ الَّذِي سَأَلَ
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ مَنْ يُفَضِّل السَّرْد
وَقَالَ إِنِّي أُطِيق أَفْضَل مِنْ صَوْم يَوْمٍ وَفِطْر يَوْمٍ لَقَالَ لَهُ السَّرْدُ أَفْضَل
الثَّانِي أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْهُ بِثَلَاثِ جُمَل إِحْدَاهَا أَنَّهُ أَعْدَل الصِّيَام
وَالثَّانِيَة أَنَّهُ صَوْم دَاوُدَ
وَالثَّالِثَة أَنَّهُ لَا أَفْضَل مِنْهُ
وَهَذِهِ الْأَخْبَار تَمْنَع تَخْصِيصه بِالسَّائِلِ
الثَّالِث أَنَّ فِي بَعْض أَلْفَاظ مُسْلِم فِيهِ فَإِنِّي أَقْوَى
قَالَ فَلَمْ يَزَلْ يَرْفَعُنِي حَتَّى قَالَ صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا فَإِنَّهُ أَفْضَل الصِّيَام وَهُوَ صَوْم أَخِي دَاوُدَ فَعَلَّلَ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ أَفْضَل الصِّيَام وَأَنَّهُ صَوْم دَاوُدَ مَعَ إِخْبَاره لَهُ بِقُوَّتِهِ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ فَإِنْ قَوِيت فالسرد أفضل