. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
يَحْيَى بْن سَعِيد بِهِ عَنْ التَّيْمِيّ
وَقَالَ يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى قَالَ لِي الشَّافِعِيُّ لَيْسَ الشَّاذُّ أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَة مَا لَا يَرْوِي غَيْره إِنَّمَا الشَّاذُّ أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَة حَدِيثًا يُخَالِف مَا رَوَى النَّاس
وَأَيْضًا فَلَيْسَ هَذَا الْأَصْل مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ عُمَر بْن ثَابِت لِرِوَايَةِ ثَوْبَان وَغَيْره لَهُ عَنْ النَّبِيّ وقد ترجم بن حِبَّان عَلَى ذَلِكَ فِي صَحِيحه فَقَالَ بَعْد إِخْرَاجه حَدِيث عُمَر بْن ثَابِت ذِكْر الْخَبَر الْمُدْحِض قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَر تَفَرَّدَ بِهِ عُمَر بْن ثَابِت عَنْ أَبِي أَيُّوب وَذِكْرُ حَدِيث ثَوْبَان مِنْ رِوَايَة هِشَام بْن عَمَّار عَنْ الْوَلِيد بْن مُسْلِم عَنْ يحيى بن الحرث الذُّمَارِيّ عَنْ أَبِي أَسْمَاء الرَّحَبِيّ عَنْ ثَوْبَان ورواه بن مَاجَةَ
وَلَكِنْ لِهَذَا الْحَدِيث عِلَّة وَهِيَ أَنَّ أَسَد بْن مُوسَى رَوَاهُ عَنْ الْوَلِيد بْن مُسْلِم عَنْ ثَوْر بْن يَزِيد عَنْ يَحْيَى بن الحرث بِهِ
وَالْوَلِيد مُدَلِّس وَقَدْ عَنْعَنَهُ فَلَعَلَّهُ وَصَلَهُ مَرَّة وَدَلَّسَهُ أُخْرَى
وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيث يَحْيَى بْن حَمْزَة وَمُحَمَّد بْن شُعَيْب بن سابور وكلاهما عن يحيى بن الحرث الذُّمَارِيّ بِهِ
وَرَوَاهُ أَحْمَد فِي الْمُسْنَد عَنْ أَبِي الْيَمَامَة عَنْ إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش عَنْ يحيى بن الحرث بِهِ وَقَدْ صَحَّحَ الْحَدِيث أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ وَإِسْمَاعِيل إِذَا رَوَى عَنْ الشَّامِيِّينَ فَحَدِيثه صَحِيح وَهَذَا إِسْنَاد شَامِيٌّ
الِاعْتِرَاض الثَّالِث أَنَّ هَذَا الْحَدِيث غَيْر مَعْمُول بِهِ عِنْد أَهْل الْعِلْم
قَالَ مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْل الْعِلْم وَالْفِقْه يَصُومهَا وَلَمْ يَبْلُغنِي ذَلِكَ عَنْ أَحَد مِنْ السَّلَف وَإِنَّ أَهْل الْعِلْم يَكْرَهُونَ ذَلِكَ وَيَخَافُونَ بِدْعَته وَأَنْ يُلْحِق بِرَمَضَان مَا لَيْسَ مِنْهُ أَهْل الْجَهَالَة وَالْجَفَاء لَوْ رَأَوْا فِي ذَلِكَ رُخْصَة عَنْ أَهْل الْعِلْم وَرَأَوْهُمْ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ تَمَّ كَلَامُهُ قَالَ الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْمُنْذِرِيّ وَاَلَّذِي خَشِيَ مِنْهُ مَالِك قَدْ وَقَعَ بِالْعَجَمِ فَصَارُوا يَتْرُكُونَ الْمُسَحِّرِينَ عَلَى عَادَتِهِمْ وَالنَّوَاقِيس وَشَعَائِر رَمَضَان إِلَى آخِر السِّتَّة الْأَيَّام فَحِينَئِذٍ يُظْهِرُونَ شَعَائِر الْعِيد
وَيُؤَيِّد هَذَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي قِصَّة الرَّجُل الَّذِي دَخَلَ الْمَسْجِد وَصَلَّى الْفَرْض ثُمَّ قَامَ يَتَنَفَّل فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَر وَقَالَ لَهُ اِجْلِسْ حَتَّى تَفْصِل بَيْن فَرْضك وَنَفْلِك فَبِهَذَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلنَا فَقَالَ لَهُ رَسُول الله أصاب الله بك ياابن الْخَطَّاب
قَالُوا فَمَقْصُود عُمَر أَنَّ اِتِّصَال الْفَرْض بِالنَّفْلِ إِذَا حَصَلَ مَعَهُ التَّمَادِي وَطَالَ الزَّمَن ظَنَّ الْجُهَّال أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْفَرْض كَمَا قَدْ شَاعَ عِنْد كَثِير مِنْ الْعَامَّة أَنَّ صُبْح يَوْم الْجُمْعَة خَمْس سَجَدَات وَلَا بُدّ فإذا تركوا قراءة {الم تنزيل} قرؤوا غَيْرهَا مِنْ سُوَر السَّجَدَات بَلْ نَهَى عَنْ الصَّوْم بَعْد اِنْتِصَاف شَعْبَان حِمَايَةً لِرَمَضَان أَنْ يُخْلَط بِهِ صَوْم غَيْره فَكَيْف بِمَا يُضَاف إِلَيْهِ بَعْده فَيُقَال الْكَلَام هُنَا فِي مَقَامَيْنِ أَحَدهمَا فِي صَوْم سِتَّةٍ مِنْ شَوَّال مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَة
وَالثَّانِي فِي وَصْلهَا بِهِ
أَمَّا الْأَوَّل فَقَوْلكُمْ إِنَّ الْحَدِيث غَيْر مَعْمُول بِهِ فَبَاطِلٌ وَكَوْن أَهْل الْمَدِينَة فِي زَمَن مَالِك لَمْ يَعْمَلُوا بِهِ لَا يُوجِب تَرْك الْأُمَّة كُلّهمْ لَهُ وَقَدْ عَمِلَ بِهِ أَحْمَد وَالشَّافِعِيّ وبن المبارك وغيرهم
قال بن عَبْد الْبَرّ لَمْ يَبْلُغ مَالِكًا حَدِيث أَبِي أَيُّوب عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ مَدَنِيٌّ وَالْإِحَاطَة بِعِلْمِ الْخَاصَّة لَا سَبِيل إِلَيْهِ وَاَلَّذِي كَرِهَهُ مَالِك قَدْ بَيَّنَهُ وَأَوْضَحَهُ خَشْيَة أَنْ يُضَاف إِلَى فَرْض رَمَضَان وَأَنْ يَسْبِق ذَلِكَ إِلَى الْعَامَّة وَكَانَ مُتَحَفِّظًا كَثِير الِاحْتِيَاط لِلدِّينِ وَأَمَّا صَوْم السِّتَّة الْأَيَّام عَلَى طَلَب الْفَضْل وَعَلَى التَّأْوِيل الَّذِي جَاءَ بِهِ ثَوْبَان فَإِنَّ مَالِكًا لَا يَكْرَه ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّه لِأَنَّ الصَّوْم جُنَّة وَفَضْلُهُ مَعْلُومٌ يَدَع طَعَامه وَشَرَابه لِلَّهِ وَهُوَ عَمَل بِرّ وَخَيْر وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَافْعَلُوا الْخَيْر لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وَمَالِك لَا يَجْهَل شَيْئًا مِنْ هَذَا