للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعدالعصر الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فَاتَتَاهُ لِقُدُومِ الْوَفْدِ وَاشْتِغَالِهِ بِهِمْ

وَفِيهِ مُسْتَدَلٌّ لِمَنْ أَجَازَ الِاعْتِكَافَ بِغَيْرِ صَوْمٍ يُنْشِئُهُ لَهُ وَذَلِكَ أَنَّ صَوْمَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِنَّمَا كَانَ لِلشَّهْرِ لِأَنَّ الْوَقْتَ مُسْتَحَقٌّ لَهُ

وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا فَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إِنِ اعْتَكَفَ مِنْ غَيْرِ صِيَامٍ أَجْزَأَهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وبن مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا قَالَا إِنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ لَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ

وروي عن بن عمر وبن عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَالزُّهْرِيِّ

قال المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ

(عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ إِلَخْ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْمُعْتَكِفَ يَبْتَدِئُ اعْتِكَافَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ وَيَدْخُلُ فِيِ مُعْتَكَفِهِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ

وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي الِاعْتِكَافِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِذَا أَرَادَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاعْتِكَافَ إِذَا لَمْ يَكُنْ نَذْرًا كَانَ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ

قُلْتُ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ اعْتِكَافِ النِّسَاءِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَعْتَكِفَ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا وَعَلَى أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ اعْتِكَافِ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَقَدْ اِحْتَجَّ مَنْ لَا يَرَى الصَّوْم شَرْطًا فِي الِاعْتِكَاف لِدُخُولِ يَوْم الْعِيد فِي اِعْتِكَافه وَهَذَا لَا يَدُلّ فَإِنَّ الْحَدِيث رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ حَتَّى اِعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّال لَمْ يَذْكُر غَيْره

وَفِي صَحِيح مُسْلِم اِعْتَكَفَ فِي الْعَشْر الْأُوَل مِنْ شَوَّال

وَهَذَا لَا يَقْتَضِي دُخُول يَوْم الْعِيد فِيهِ كَمَا يَصِحّ أَنْ يُقَال صَامَ فِي الْعَشْر الْأُوَل مِنْ شَوَّال وَفِي لَفْظ لَهُ حَتَّى اِعْتَكَفَ فِي آخِر الْعَشْر مِنْ شَوَّال وَعَدَم الدَّلَالَة فِي هذا ظَاهِرَة

وَقَوْلهَا اِعْتَكَفَ الْعَشْر الْأُوَل مِنْ شَوَّال لَيْسَ بِنَصٍّ فِي دُخُول يَوْم الْعِيد فِي اِعْتِكَافه بَلْ الظَّاهِر أَنَّهُ لَمْ يُدْخِلهُ فِي اِعْتِكَافه لِاشْتِغَالِهِ فِيهِ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى وَصَلَاة الْعِيد وَخُطْبَته

وَرُجُوعه إِلَى مَنْزِله لِفِطْرِهِ وَفِي ذَلِكَ ذَهَاب بَعْض الْيَوْم فَلَا يَقُوم بَقِيَّة الْيَوْم مَقَام جَمِيعِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>