الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا جَائِزٌ وَقَدْ حُكِيَ جَوَازُهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَمَّا الرَّجُلُ فَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ اعْتِكَافَهُ فِي بَيْتِهِ غَيْرُ جَائِزٍ وَإِنَّمَا شُرِعَ الِاعْتِكَافُ فِي الْمَسَاجِدِ وَكَانَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ يَقُولُ لَا يَكُونُ الِاعْتِكَافُ إِلَّا فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ
وَقَالَ عَطَاءٌ لَا يُعْتَكَفُ إِلَّا فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْتَكِفَ إِلَّا فِي الْجَامِعِ وَكَذَلِكَ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو قِلَابَةَ وَالنَّخَعِيُّ يَعْتَكِفُ فِي مَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ انْتَهَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ احْتَجَّ بِهِ مَنْ يَقُولُ يَبْدَأُ الِاعْتِكَافَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ يَدْخُلُ فِيهِ قُبَيْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِذَا أَرَادَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ أَوِ اعْتِكَافَ عَشْرٍ وَأَوَّلُوا عَلَى أَنَّهُ دَخَلَ الْمُعْتَكَفَ وَانْقَطَعَ فِيهِ وَتَخَلَّى بِنَفْسِهِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ لَا أَنَّ ذَلِكَ وَقْتَ ابْتِدَاءِ الِاعْتِكَافِ بَلْ كَانَ مِنْ قَبْلِ الْمَغْرِبِ مُعْتَكِفًا لَابِثًا فِي جُمْلَةِ الْمَسْجِدِ فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ انْفَرَدَ
(فَأَمَرَ بِبِنَائِهِ فَضُرِبَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَفِيهِ دَلِيلُ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ الْمُعْتَكِفِ لِنَفْسِهِ مَوْضِعًا مِنَ الْمَسْجِدِ يَنْفَرِدُ فِيهِ مُدَّةَ اعْتِكَافِهِ مَا لَمْ يُضَيِّقْ عَلَى النَّاسِ وَإِذَا أَخَذَهُ يَكُونُ فِي آخِرِ الْمَسْجِدِ وَرِحَابِهِ لِئَلَّا يُضَيِّقَ عَلَى غَيْرِهِ وَلِيَكُونَ أَخْلَى لَهُ وَأَكْمَلَ فِي انْفِرَادِهِ (فَقَالَ مَا هَذِهِ) الْأَخْبِيَةُ الَّتِي أَرَاهَا (آلْبِرَّ) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ مَمْدُودَةً عَلَى وَجْهِ الْإِنْكَارِ وَالنَّصْبُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ لِقَوْلِهِ (تُرِدْنَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ مِنَ الْإِرَادَةِ أَيْ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ (فَقُوِّضَ) بِالْقَافِ الْمَضْمُومَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مِنَ التَّفْعِيلِ أَيْ أُزِيلَ وَقُلِعَ (ثُمَّ أَخَّرَ الِاعْتِكَافَ) وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ فَتَرَكَ الِاعْتِكَافَ ذَلِكَ الشَّهْرَ ثُمَّ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ أَيْ قَضَاءً عَمَّا تَرَكَهُ مِنَ الِاعْتِكَافِ فِي رَمَضَانَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ لِأَنَّهُ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ وَلَوْ كَانَ لِلْوُجُوبِ لَاعْتَكَفَ مَعَهُ نِسَاؤُهُ أَيْضًا فِي شَوَّالٍ وَلَمْ يُنْقَلْ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ البخاري ومسلم والنسائي وبن ماجه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute