يُحَدِّثُ عَنْ صَحِيفَةَ سَمُرَةَ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
سُنْبُله وَهَذَا خَطَأ بَيِّن
فَإِنَّ الْمَأْمُور لَهُ بِالْوَسْقِ إِنَّمَا هُوَ آكِل السُّنْبُل عباد بْن شُرَحْبِيل وَالسِّيَاق لَا يَدُلّ إِلَّا عَلَيْهِ
وَالنَّبِيّ رَدَّ إِلَيْهِ ثَوْبه وَأَطْعَمَهُ وَسْقًا
وَلَفْظ أَبِي دَاوُدَ صَرِيح فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ فَرَدَّ عَلَيَّ ثَوْبِي وَأَعْطَانِي وَسْقًا
وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى الجواز أيضا ما رواه الترمذي
حدثنا بن أَبِي الشَّوَارِب حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن سُلَيْم عَنْ عبيد الله بن عمر عن النبي قَالَ مَنْ دَخَلَ حَائِطًا فَلْيَأْكُلْ وَلَا يَتَّخِذ خُبْنَة وَهَذَا الْحَدِيث وَإِنْ كَانَ مَعْلُولًا قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي كِتَاب الْعِلَل الْكَبِير لَهُ سَأَلْت مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيث فَقَالَ يَحْيَى بْن سُلَيْم يَرْوِي أَحَادِيث عَنْ عُبَيْد اللَّه يَهِم فِيهَا
تَمَّ كَلَامه
وَقَالَ يَحْيَى بْن مَعِين هَذَا الْحَدِيث غَلَط
وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ يَحْيَى بْن سُلَيْم هَذَا مَحَلّه الصِّدْق وَلَيْسَ بِالْحَافِظِ وَلَا يُحْتَجّ بِهِ
وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْس وَهُوَ مُنْكَر الْحَدِيث عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عَمْرو وَلَكِنْ لَوْ حَاكَمْنَا مُنَازِعِينَا مِنْ الْفُقَهَاء إِلَى أُصُولهمْ لَكَانَ هَذَا الْحَدِيث حُجَّة عَلَى قَوْلهمْ
لِأَنَّ يَحْيَى بْن سُلَيْم مِنْ رِجَال الصَّحِيحَيْنِ وَهُوَ لَوْ اِنْفَرَدَ بِلَفْظَةٍ أَوْ رَفْع أَوْ اِتِّصَال وَخَالَفَهُ غَيْره فِيهِ لَحَكَمُوا لَهُ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى مَنْ خَالَفَهُ وَلَوْ كَانَ أَوْثَق وَأَكْثَر فَكَيْف إِذَا رَوَى مَا لَمْ يُخَالَف فِيهِ بَلْ لَهُ أُصُول وَنَظَائِر
وَلَكِنَّا لَا نَرْضَى بِهَذِهِ الطَّرِيقَة فَالْحَدِيث عِنْدنَا مَعْلُول وَإِنَّمَا سُقْنَاهُ اِعْتِبَارًا لَا اِعْتِمَادًا
وَاَللَّه أَعْلَم
فَإِنْ قِيلَ فَمَا تَصْنَعُونَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو عُبَيْد الْقَاسِم بْن سَلَّام في الغريب عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاء قَالَ رَخَّصَ رَسُول اللَّه لِلْجَائِعِ الْمُضْطَرّ إِذَا مَرَّ بِالْحَائِطِ أَنْ يَأْكُل مِنْهُ وَلَا يَتَّخِذ خُبْنَة وَهَذَا التَّقْيِيد يُبَيِّن الْمُرَاد مِنْ سَائِر الْأَحَادِيث
قِيلَ هَذَا مِنْ الْمَرَاسِيل الَّتِي لَا يُحْتَجّ بِهَا فَضْلًا عَنْ أَنْ يُعَارَض بِهَا الْمُسْنَدَات الصَّحِيحَة ثَمَّ وَلَوْ كَانَ حُجَّة فَهُوَ لَا يُخَالِف مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحَادِيث بَلْ مَنْطُوقه يُوَافِقنَا وَمَفْهُومه يَدُلّ عَلَى أَنَّ غَيْر الْمُضْطَرّ يُخَالِف الْمُضْطَرّ فِي ذَلِكَ وَهَذَا حَقّ وَالْمَفْهُوم لَا عُمُوم لَهُ بَلْ فِيهِ تَفْصِيل
وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى الْجَوَاز أَيْضًا حَدِيث أَبِي سَعِيد وَقَدْ تَقَدَّمَ وَإِسْنَاده على شرط مسلم
ورواه بن حِبَّان فِي صَحِيحه وَأَمَّا تَعْلِيل الْبَيْهَقِيِّ لَهُ بِأَنَّ سَعِيدًا الْجَرِيرِيّ تَفَرَّدَ بِهِ وَكَانَ قَدْ اِخْتَلَطَ فِي آخِر عُمْره وَاَلَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ يَزِيد بْن هَارُون وَإِنَّمَا رَوَى عَنْهُ بَعْض الِاخْتِلَاط فَجَوَابه مِنْ وَجْهَيْنِ
أَحَدهمَا أَنَّ حَمَّاد بْن سَلَمَة قَدْ تَابَعَ يَزِيد بْن هَارُون عَلَى رِوَايَته
ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا
وَسَمَاع حَمَّاد مِنْهُ قَدِيم
الثَّانِي أَنَّ هَذَا إِنَّمَا يَكُون عِلَّة إِذَا كَانَ الرَّاوِي مِمَّنْ لَا يُمَيِّز حَدِيث الشَّيْخ صَحِيحه مِنْ سَقِيمه
وَأَمَّا يَزِيد بْن هَارُون وَأَمْثَاله إِذَا رَوَوْا عَنْ رَجُل قَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثه بَعْض الِاخْتِلَاط فَإِنَّهُمْ يُمَيِّزُونَ حَدِيثه وَيَنْتَقُونَهُ
هَذَا مَعَ أَنَّ حَدِيثه مُوَافِق لِأَحَادِيث الْبَاب كَأَحَادِيث سَمُرَة وَرَافِع بْن عَمْرو وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو وَعَبَّاد بْن شُرَحْبِيل وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ مَحْفُوظ وَأَنَّ له أصلا
ولهذا صححه بن حبان وغيره