للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْقَوْلِ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ بِهِ وَيَمْنَعُ الْمُضَحِّيَ مِنْ أَخْذِ أَظْفَارِهِ وَشَعْرِهِ أَيَّامَ الْعَشْرِ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ وَكَذَلِكَ قَالَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أحمد وإسحاق بن رَاهْوَيْهِ وَكَانَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يَرَيَانِ ذَلِكَ عَلَى النَّدْبِ وَالِاسْتِحْبَابِ وَرَخَّصَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

الْمُسَيِّب وَرَبِيعَة بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن وَإِسْحَاق بن راهويه والإمام أحمد وغيرهم

وذهب آخرون إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوه لَا مُحَرَّم

وَحَمَلُوا الْحَدِيث عَلَى الْكَرَاهَة مِنْهُمْ مَالِك وَطَائِفَة مِنْ أَصْحَاب أَحْمَد مِنْهُمْ أَبُو يَعْلَى وَغَيْره

وَذَهَبَتْ طَائِفَة إِلَى الْإِبَاحَة وَأَنَّهُ غَيْر مَكْرُوه وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَة وَأَصْحَابه

وَاَلَّذِينَ لَمْ يَقُولُوا بِهِ مِنْهُمْ مَنْ أَعَلَّهُ بِالْوَقْفِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ضَعْف هَذَا التَّعْلِيل وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هَذَا خِلَاف الْحَدِيث الثَّابِت عَنْ عَائِشَة الْمُتَّفَق عَلَى صِحَّته أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَث بِهَدْيِهِ وَيُقِيم حَلَالًا لَا يَحْرُم عَلَيْهِ شَيْء

قَالَ الشَّافِعِيّ فَإِنْ قَالَ قَائِل مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ اِخْتِيَار لَا وَاجِب قِيلَ لَهُ رَوَى مَالِك عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر عَنْ عَمْرَة عَنْ عَائِشَة قَالَتْ أَنَا فَتَلْت قَلَائِد هَدْي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيَّ ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي بَكْر فَلَمْ يَحْرُم علي رسول الله صلى الله عليه وسلم شَيْء أَحَلَّهُ اللَّه لَهُ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْي

قَالَ الشَّافِعِيّ وَفِي هَذَا دَلَالَة عَلَى مَا وَصَفْت وَعَلَى أَنَّ الْمَرْء لَا يُحْرِم بِبَعْثِهِ بِهَدْيِهِ يَقُول الْبَعْث بِالْهَدْيِ أَكْثَر مِنْ إِرَادَة الْأُضْحِيَّة

وَمِنْهُمْ مَنْ رَدَّ هَذَا الْحَدِيث بِخِلَافِهِ لِلْقِيَاسِ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُم عَلَيْهِ الْوَطْء وَاللِّبَاس الطِّيب فَلَا يَحْرُم عَلَيْهِ حَلْق الشَّعْر وَلَا تَقْلِيم الظُّفْر

وَأَسْعَد النَّاس بِهَذَا الْحَدِيث مَنْ قَالَ بِظَاهِرِهِ لِصِحَّتِهِ وَعَدَم مَا يُعَارِضهُ

وَأَمَّا حَدِيث عَائِشَة فَهُوَ إِنَّمَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ مَنْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ وَأَقَامَ فِي أَهْله فَإِنَّهُ يُقِيم حَلَالًا وَلَا يَكُون مُحْرِمًا بِإِرْسَالِ الْهَدْي رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَف يَكُون بِذَلِكَ مُحْرِمًا وَلِهَذَا رَوَتْ عَائِشَة لَمَّا حُكِيَ لَهَا هَذَا الْحَدِيث

وَحَدِيث أُمّ سَلَمَة يَدُلّ عَلَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّي أَمْسَكَ فِي الْعَشْر عَنْ أَخْذ شَعْره وَظُفْره

<<  <  ج: ص:  >  >>