إِسْنَادِهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْمَكِّيُّ الْقَدَّاحُ وَفِيهِ مَقَالٌ وَأَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْحَدَّادِ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ وَهَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ
وَيُونُسُ وَإِنْ تُكُلِّمَ فِيهِ فَقَدِ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
الثَّانِي أَنَّ الْجَوَاب لَا بُدّ وَأَنْ يَقَع عَنْ السُّؤَال وَالصَّحَابَة لَمْ يَسْأَلُوا عَنْ كَيْفِيَّة ذَكَاته لِيَكُونَ قَوْله ذَكَاته كَذَكَاةِ أُمّه جَوَابًا لَهُمْ وَإِنَّمَا سَأَلُوا عَنْ أَكْل الْجَنِين الَّذِي يَجِدُونَهُ بَعْد الذَّبْح فَأَفْتَاهُمْ بِأَكْلِهِ حَلَالًا بِجَرَيَانِ ذَكَاة أُمّه عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاج إِلَى أن ينفرد بالزكاة
الثَّالِث أَنَّ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَم الْخَلْق فَهْمًا لِمُرَادِهِ بِكَلَامِهِ وَقَدْ فَهِمُوا مِنْ هَذَا الْحَدِيث اِكْتِفَاءَهُمْ بِذَكَاةِ الْأُمّ عَنْ ذَكَاة الْجَنِين وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاج أَنْ يَنْفَرِد بِذَكَاةٍ بَلْ يُؤْكَل
قَالَ عَبْد اللَّه بْن كَعْب بْن مَالِك كَانَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ إِذَا أَشْعَرَ الْجَنِين فَذَكَاته ذَكَاة أُمّه وَهَذَا إشارة إلى جميعهم
قال بن الْمُنْذِر كَانَ النَّاس عَلَى إِبَاحَته لَا نَعْلَم أَحَدًا مِنْهُمْ خَالَفَ مَا قَالُوهُ إِلَى أَنْ جَاءَ النُّعْمَان فَقَالَ لَا يَحِلّ لِأَنَّ ذَكَاة نَفْس لَا تَكُون ذَكَاة نَفْسَيْنِ
الرَّابِع أَنَّ الشَّرِيعَة قَدْ اِسْتَقَرَّتْ عَلَى أَنَّ الذَّكَاة تَخْتَلِف بِالْقُدْرَةِ وَالْعَجْز فَذَكَاة الصَّيْد الْمُمْتَنِع بِجُرْحِهِ فِي أَيّ مَوْضِع كَانَ بِخِلَافِ الْمَقْدُور عَلَيْهِ وَذَكَاة الْمُتَرَدِّيَة لَا يُمْكِن إِلَّا بِطَعْنِهَا فِي أَيّ مَوْضِع كَانَ وَمَعْلُوم أَنَّ الْجَنِين لَا يُتَوَصَّل إِلَى ذَبْحه بِأَكْثَر مِنْ ذَبْح أُمّه فَتَكُون ذَكَاة أُمّه ذَكَاة لَهُ هُوَ مَحْض الْقِيَاس
الْخَامِس أَنَّ قَوْله ذَكَاة الْجَنِين ذَكَاة أُمّه جملة خبرية جعل الْخَبَر فِيهَا نَفْس الْمُبْتَدَأ
فَهِيَ كَقَوْلِك غِذَاء الْجَنِين غِذَاء أُمّه وَلِهَذَا جُعِلَتْ الْجُمْلَة لِتَتْمِيمِ إِنَّ وَخَبَرهَا فِي قَوْله فَإِنَّ ذَكَاته ذَكَاة أُمّه وَإِذْ كَانَ هَكَذَا لَمْ يَجُزْ فِي ذَكَاة أُمّه إِلَّا بِالرَّفْعِ وَلَا يَجُوز نَصْبه لِبَقَاءِ الْمُبْتَدَأ بِغَيْرِ خَبَر فَيَخْرُج الْكَلَام عَنْ الْإِفَادَة وَالتَّمَام إِذْ الْخَبَر مَحَلّ الْفَائِدَة وَهُوَ غَيْر مَعْلُوم
السَّادِس أَنَّهُ إِذَا نَصَبَ ذَكَاة أُمّه فَلَا بُدّ وَأَنْ يَجْعَل الْأَوَّل فِي تَقْدِير فِعْل لِيَنْتَصِب عَنْهُ الْمَصْدَر وَيَكُون تَقْدِيره يُذْكِي الْجَنِين ذَكَاة أُمّه وَنَحْوه
وَلَوْ أُرِيدَ هَذَا الْمَعْنَى لَقِيلَ ذَكُّوا الْجَنِين ذَكَاة أُمّه أَوْ يُذَكَّى كَمَا يُقَال اِضْرِبْ زَيْدًا ضَرْب عَمْرو وَيَنْتَصِب الثَّانِي عَلَى مَعْنَى اِضْرِبْ زَيْدًا ضَرْب عَمْرو فَهَذَا لَا يَجُوز وَلَيْسَ هُوَ كَلَامًا عَرَبِيًّا إِلَّا إِذَا نُصِبَ الْجُزْءَانِ مَعًا فَتَقُول ذَكَاة الْجَنِين ذَكَاة أُمّه وَهَذَا