لَفْظِ أَحْمَدَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثُ مُجَمِعٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ صَفَّيْنِ وَمَا نَرَى شيئا ومن ها هنا انْدَفَعَ قَوْلُ الْعَلَّامَةِ الزَّرْقَانِيِّ حَيْثُ شَنَّعَ عَلَى بن الْعَرَبِيِّ وَقَالَ قَدْ جَاءَ مَا يُؤَيِّدُ رَفْعَ الْحِجَابِ بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ فَمَا حَدَّثَنَا إِلَّا بِالثَّابِتَاتِ انْتَهَى
فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَدُلُّ عَلَى رَفْعِ الْحِجَابِ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا فكان الميت غائبا عن أصحابه الذين صلوا عليه مع النبي
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فَيَكُونُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ كَمَيِّتٍ رَآهُ الْإِمَامُ وَلَا يَرَاهُ الْمَأْمُومُونَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ هَذَا رَأْيٌ وَتَصْوِيرُ صُورَةٍ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ الصَّرِيحِ وَهُوَ فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ فَلَا يُعْبَأُ بِهِ
وَقَوْلُهُمْ وَتَرْكُهُ سُنَّةٌ كَمَا أَنَّ فِعْلَهُ سُنَّةٌ فَمَنْظُورٌ فِيهِ لِأَنَّ الْعَدَمَ وَالتَّرْكَ لَيْسَ بِفِعْلٍ نَعَمْ إِذَا كَانَ الْعَدَمُ مُسْتَمِرًّا فِي زَمَانِ النبي والخلفاء الراشدين ففعله يكون بدعة وها هنا لَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِ الْعَدَمِ وَالتَّرْكِ سُنَّةً مَعَ كَوْنِ الْفِعْلِ سنة أنه كَانَ يَكْتَفِي بِتَرْكِهِ أَيْضًا فَمُسَلَّمٌ لَكِنْ لَا شَكَّ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ السُّنَّةِ لَا يُثَابُ فَاعِلُهُ فَإِنَّ مُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ إِنَّمَا يُثَابُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ صَلَّاهُمَا لَا عَلَى تَرْكِ الْآخَرِينَ نَعَمْ يَكْفِيهِ فِي اتِّبَاعِ النَّبِيِّ تِلْكَ الرَّكْعَتَانِ وَمُصَلِّي الْأَرْبَعَةِ فَثَوَابُهُ أَكْمَلُ مِنْ ثَوَابِ الْأَوَّلِ
هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ الْعَلَّامَةِ الشَّهِيدِ مُحَمَّدِ إِسْمَاعِيلَ الدَّهْلَوِيِّ
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ أَنَّهُ مِنْ باب الضرورة لأنه مات بأرض لم يقم فِيهَا عَلَيْهِ فَرِيضَةُ الصَّلَاةِ فَتَقَدَّمَ جَوَابُهُ فِي ضِمْنِ كَلَامِ الْحَافِظِ
وَقَوْلُهُمْ وَلَمْ يُصَلِّ النَّبِيُّ عَلَى غَائِبٍ غَيْرَ النَّجَاشِيِّ وَقَدْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ خَلْقٌ كَثِيرٌ فَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ لِإِثْبَاتِ السُّنِّيَّةِ أَوْ لِاسْتِحْبَابِ فِعْلٍ مِنَ الْأَفْعَالِ يَكْفِي فِيهِ وُرُودُ حَدِيثٍ وَاحِدٍ بِالسَّنَدِ الصَّحِيحِ سَوَاءٌ كَانَ قَوْلِيًّا أَوْ فِعْلِيًّا أَوْ سُكُوتِيًّا وَلَا يَلْزَمُ لِإِثْبَاتِ السُّنِّيَّةِ كَوْنُ الْحَدِيثِ مَرْوِيًّا مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي الْوَاقِعَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ وَإِلَّا لَا يَثْبُتُ كَثِيرٌ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي مَعْمُولٌ بِهَا عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ صَلَاةَ الْجَنَازَةِ اسْتِغْفَارٌ ودعاء وقد بين لنا رسول الله أَنَّ طَرِيقَ أَدَائِهَا بِثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ النَّوْعُ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ مَشْهُودًا حَاضِرًا قُدَّامَ الْمُصَلِّينَ فَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَهَذَا النَّوْعُ هُوَ الْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ وَالْعُمْدَةُ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ غَيْرُ هَذَا النَّوْعِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يثبت عن النبي قَطُّ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ الْحَاضِرِ الشَّاهِدِ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute