قَبْرِهِ أَوْ صَلَّى صَلَاةَ الْغَائِبِ عَلَيْهِ
وَالنَّوْعُ الثَّانِي الصَّلَاةُ عَلَى قَبْرِ الْمَيِّتِ لِمَنْ كَانَ حَاضِرًا فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ أَوِ الْقَرْيَةِ لَكِنْ مَا أَمْكَنَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى ذَلِكَ الْمَيِّتِ حَتَّى دُفِنَ أَوْ كَانَ غَائِبًا عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَلَمَّا دَخَلَ أُخْبِرَ بِمَوْتِهِ فَصَلَّى عَلَى قبره كما فعل رسول الله فِي صَلَاتِهِ عَلَى الْمِسْكِينَةِ أُمِّ سَعْدٍ وَأُمِّ أَبِي أُمَامَةَ وَطَلْحَةَ بْنِ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ النَّوْعُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَجَاءَ نَعْيُهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَيُصَلُّونَ صَلَاةَ الْغَائِبِ عَلَى ذَلِكَ الْمَيِّتِ مِنَ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ أَوِ الْقَصِيرَةِ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ الله بِالنَّجَاشِيِّ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ الْمُزَنِيِّ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعُمْدَةَ فِي هَذَا هُوَ النَّوْعُ الْأَوَّلُ وَالْفَرْضُ قَدْ يَسْقُطُ لِصَلَاةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَدُعَاءٌ مَحْضٌ وَاسْتِغْفَارٌ خَالِصٌ لِلْمَيِّتِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِيَّةِ
الوجه الثالث أن صلاة النبي عَلَى الْمَيِّتِ الْغَائِبِ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى أَرْبَعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ الْأَوَّلُ النَّجَاشِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقِصَّتُهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ وَالِاعْتِمَادُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى حَدِيثِ النَّجَاشِيِّ وَيُضَمُّ إِلَيْهِ غَيْرُهُ مِنَ الرِّوَايَاتِ
وَالْغَائِبُ الثَّانِي مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيُّ
وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ
أَمَّا مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيُّ فَقَدْ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَجَمَاعَةٌ فِي الصَّحَابَةِ وَقَالُوا مَاتَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَدَتْ قِصَّتُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ وَأَنَسٍ مُسْنَدَةً وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مُرْسَلَةً فَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ الضُّرَيْسِ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ وَسُمُّوَيَةُ في فوائده وبن مَنْدَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ محبوب بن هلال عن عطاء بن أبي مَيْمُونَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ نَزَلَ جبرائيل عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يامحمد مَاتَ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيُّ أَتُحِبُّ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ (قَالَ نَعَمْ) فَضَرَبَ بِجَنَاحَيْهِ فَلَمْ يَبْقَ أَكَمَةً وَلَا شَجَرَةً إِلَّا تَضَعْضَعَتْ فَرَفَعَ سَرِيرَهُ حَتَّى نَظَرَ إِلَيْهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَخَلْفُهُ صَفَّانِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ كُلُّ صَفٍّ سَبْعُونَ أَلْفَ ملك فقال يا جبرائيل بِمَا نَالَ مُعَاوِيَةُ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ قَالَ بِحُبِّ قل هو الله أحد وقراءته إياها جاثيا وَذَاهِبًا وَقَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ
وَأَوَّلُ حديث بن الضُّرَيْسِ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِالشَّامِ كَذَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْإِصَابَةِ
وأخرج بن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ هِلَالٍ الْمُزَنِيُّ عَنِ بن مَيْمُونَةَ عَنْ أَنَسٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ
قَالَ هَذَا إِسْنَادٌ لَا بَأْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute