وَاتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ وَاتِّخَاذِ السُّرُجِ عَلَى الْمَقَابِرِ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ قَدْ رَأَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُرَخِّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَلَمَّا رَخَّصَ دَخَلَ فِي رُخْصَتِهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا كُرِهَ زِيَارَةُ الْقُبُورِ فِي النِّسَاءِ لِقِلَّةِ صَبْرِهِنَّ وَكَثْرَةِ جَزَعِهِنَّ انْتَهَى
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَبَا حَاتِم خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ
وَقَالَ أَبُو صَالِح هَذَا هُوَ مِهْرَانُ ثِقَة
وَلَيْسَ بِصَاحِبِ الْكَلْبِيّ ذَاكَ اِسْمه بَاذَام
وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث عُمَر بْن أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم لعن زوارت الْقُبُور وَقَالَ هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح وَأَخْرَجَهُ بن حِبَّان فِي صَحِيحه وَفِي الْبَاب عَنْ عَائِشَة وَحَسَّان وَحَدِيث حَسَّان بْن ثَابِت قَدْ أَخْرَجَهُ الإمام أحمد في مسنده
وروى بن حِبَّان فِي صَحِيحه مِنْ حَدِيث رَبِيعَة بْن سَيْف الْمَعَافِرِيّ عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن الْحُبُلِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو قَالَ قَبَرْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَلَمَّا فَرَغْنَا اِنْصَرَفَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْصَرَفْنَا مَعَهُ فَلَمَّا حَاذَيْنَا بِهِ وَتَوَسَّطَ الطَّرِيق إِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ مُقْبِلَة فَلَمَّا دَنَتْ إِذَا هِيَ فَاطِمَة فَقَالَ لَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَا أَخْرَجَك يَا فَاطِمَة مِنْ بَيْتك قَالَتْ
يَا رَسُول اللَّه رَحَّمْت عَلَى أَهْل هَذَا الْمَيِّت مَيِّتهمْ
فَقَالَ لَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَعَلَّك بَلَغْت مَعَهُمْ الْكُدَى قَالَتْ
مَعَاذ اللَّه وَقَدْ سَمِعْتُك تَذْكُر فِيهَا مَا تَذْكُر
قَالَ لَوْ بَلَغْت مَعَهُمْ الْكُدَى مَا رَأَيْت الْجَنَّة حَتَّى يَرَاهَا جَدّ أَبِيك فَسَأَلْت رَبِيعَة عَنْ الْكُدَى فَقَالَ الْقُبُور
قَالَ أَبُو حَاتِم
يُرِيد الْجَنَّة الْعَالِيَة الَّتِي يَدْخُلهَا مَنْ لَمْ يَرْتَكِب نَهْي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِأَنَّ فَاطِمَة عَلِمَتْ النَّهْي فِيهِ قَبْل ذَلِكَ وَالْجَنَّة هِيَ جِنَان كَثِيرَة لَا جَنَّة وَاحِدَة وَالْمُشْرِك لَا يَدْخُل الْجَنَّة أَصْلًا لَا عَالِيَة وَلَا سَافِلَة وَلَا مَا بَيْنهمَا
وَقَدْ طَعَنَ غَيْره فِي هَذَا الْحَدِيث وَقَالُوا
هُوَ غَيْر صَحِيح لِأَنَّ رَبِيعَة بْن سَيْف ضَعِيف الْحَدِيث عِنْده مَنَاكِير
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي زِيَارَة النِّسَاء لِلْمَقَابِرِ عَلَى ثَلَاثَة أَقْوَال
أَحَدهَا التَّحْرِيم لِهَذِهِ الْأَحَادِيث
وَالثَّانِي يُكْرَه مِنْ غَيْر تَحْرِيم
وَهَذَا مَنْصُوص أَحْمَد فِي إِحْدَى الرِّوَايَات عَنْهُ
وَحُجَّة هَذَا الْقَوْل
حَدِيث أُمّ عَطِيَّة الْمُتَّفَق عَلَيْهِ نُهِينَا عَنْ اِتِّبَاع الْجَنَائِز
وَلَمْ يُعْزَم عَلَيْنَا وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ النَّهْي عَنْهُ لِلْكَرَاهَةِ لَا لِلتَّحْرِيمِ