للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صاحب الكلبي وقد قيل إنه لم يسمع من بن عَبَّاسٍ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَقَالَ بن عَدِيٍّ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ رَضِيَهُ وَقَدْ قِيلَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ وَغَيْرِهِ بِخَيْرِ أَمْرِهِ وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ رَضِيَهُ حُجَّةً أَوْ قَالَ هُوَ ثِقَةٌ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

فَهَذَا حَيْثُ لَا يَكُون دَلِيل صَرِيح يَقْتَضِي عَدَم دُخُولهنَّ وَأَحَادِيث التَّحْرِيم مِنْ أَظْهَر الْقَرَائِن عَلَى عَدَم دُخُولهنَّ فِي خِطَاب الذُّكُور

قَالُوا وَأَمَّا قَوْلكُمْ إِنَّ النَّهْي إِنَّمَا كَانَ لِلنِّسَاءِ خَاصَّة فَغَيْر صَحِيح لِأَنَّ قَوْله كُنْت نَهَيْتُكُمْ خِطَاب لِلذُّكُورِ أَصْلًا وَوَضْعًا فَلَا بُدّ وَأَنْ يَتَنَاوَلهُمْ وَحْدهمْ وَلَوْ كَانَ النَّهْي إِنَّمَا كَانَ لِلنِّسَاءِ خَاصَّة لَقَالَ كُنْت نَهَيْتُكُنَّ وَلَمْ يَقُلْ نَهَيْتُكُمْ بَلْ كَانَ فِي أَوَّل الْإِسْلَام قَدْ نَهَى عَنْ زِيَارَة الْقُبُور صِيَانَة لِجَانِبِ التَّوْحِيد وَقَطْعًا لِلتَّعَلُّقِ بِالْأَمْوَاتِ وَسَدًّا لِذَرِيعَةِ الشِّرْك الَّتِي أصلها تعظيم القبور وعبادتها كما قال بن عَبَّاس فَلَمَّا تَمَكَّنَ التَّوْحِيد مِنْ قُلُوبهمْ وَاضْمَحَلَّ الشِّرْك وَاسْتَقَرَّ الدِّين أَذِنَ فِي زِيَارَة يَحْصُل بِهَا مَزِيد الْإِيمَان وَتَذْكِير مَا خُلِقَ الْعَبْد لَهُ مِنْ دَار الْبَقَاء فَأَذِنَ حِينَئِذٍ فِيهَا فَكَانَ نَهْيه عَنْهَا لِلْمَصْلَحَةِ وَإِذْنه فِيهَا لِلْمَصْلَحَةِ

وَأَمَّا النِّسَاء

فَإِنَّ هَذِهِ الْمَصْلَحَة وَإِنْ كَانَتْ مَطْلُوبَة مِنْهُنَّ لَكِنْ مَا يُقَارِن زِيَارَتهنَّ مِنْ الْمَفَاسِد الَّتِي يَعْلَمهَا الْخَاصّ وَالْعَامّ مِنْ فِتْنَة الْأَحْيَاء وَإِيذَاء الْأَمْوَات وَالْفَسَاد الَّذِي لَا سَبِيل إِلَى دَفْعه إِلَّا بِمَنْعِهِنَّ مِنْهَا أَعْظَم مَفْسَدَة مِنْ مَصْلَحَة يَسِيرَة تَحْصُل لَهُنَّ بِالزِّيَارَةِ وَالشَّرِيعَة مَبْنَاهَا عَلَى تَحْرِيم الْفِعْل إِذَا كَانَتْ مَفْسَدَته أَرْجَح مِنْ مَصْلَحَته وَرُجْحَان هَذِهِ الْمَفْسَدَة لَا خَفَاء بِهِ فَمَنْعهنَّ مِنْ الزِّيَارَة مِنْ مَحَاسِن الشَّرِيعَة

وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْره مِنْ حَدِيث مُحَمَّد بْن الْحَنَفِيَّة عَنْ عَلِيّ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فِي جَنَازَة فَرَأَى نِسْوَة جُلُوسًا فَقَالَ مَا يُجْلِسكُنَّ فَقُلْنَ الجنازة فقال أتحملن فيمن يحمل قلن لاقال فَتُدْلِينَ فِيمَنْ يُدْلِي قُلْنَ لَا قَالَ فَتُغَسِّلْنَ فِيمَنْ يُغَسِّل قُلْنَ لَا قَالَ فَارْجِعْنَ مَأْزُورَات غَيْر مَأْجُورَات وَفِي رِوَايَة فَتَحْثِيَن فِيمَنْ يَحْثُو وَلَمْ يَذْكُر الْغُسْل

فَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ اِتِّبَاعهنَّ الْجَنَازَة وِزْر لَا أَجْر لَهُنَّ فِيهِ إِذْ لَا مَصْلَحَة لَهُنَّ وَلَا لِلْمَيِّتِ فِي اِتِّبَاعهنَّ لَهَا بَلْ فِيهِ مَفْسَدَة لِلْحَيِّ وَالْمَيِّت

قَالُوا وَأَمَّا حَدِيث عَائِشَة فَالْمَحْفُوظ فِيهِ حَدِيث التِّرْمِذِيّ مَعَ مَا فِيهِ وَعَائِشَة إِنَّمَا قَدِمَتْ مَكَّة لِلْحَجِّ فَمَرَّتْ عَلَى قَبْر أَخِيهَا فِي طَرِيقهَا فَوَقَفَتْ عَلَيْهِ وَهَذَا لَا بَأْس بِهِ إِنَّمَا الْكَلَام فِي قَصْدهنَّ الْخُرُوج لِزِيَارَةِ الْقُبُور

وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهَا عَدَلَتْ إِلَيْهِ وَقَصَدَتْ زِيَارَته فَهِيَ قَدْ قَالَتْ لَوْ شَهِدْتُك لَمَا زُرْتُك وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْمُسْتَقَرّ الْمَعْلُوم عِنْدهَا أَنَّ النِّسَاء لَا يُشْرَع لَهُنَّ زِيَارَة الْقُبُور وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلهَا ذَلِكَ معنى

<<  <  ج: ص:  >  >>