للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدَّالِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَيُقَالُ بِمُوَحَّدَةٍ أَوَّلَهَا مَعَ التَّصْغِيرِ مَقْبُولَةٌ يُبَاشِرُ الْمَرْأَةَ الْمُبَاشَرَةُ هِيَ الْمُلَامَسَةُ وَالْمُعَاشَرَةُ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْطَجِعُ مَعِي وَأَنَا حَائِضٌ وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ ثَوْبٌ (إِذَا كَانَ عَلَيْهَا إِزَارٌ) وَهُوَ مَا يُسْتَرُ بِهِ الْفُرُوجُ (إِلَى أَنْصَافِ الْفَخِذَيْنِ) الْأَنْصَافُ جَمْعُ نِصْفٍ وَهُوَ أَحَدُ شِقَّيِ الشَّيْءِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْجَمْعِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ إِذَا أُرِيدَ إِضَافَةُ مُثَنَّى إِلَى الْمُثَنَّى يُعَبَّرُ عَنِ الْأَوَّلِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ كَقَوْلِهِ تعالى فقد صغت قلوبكما (أَوِ الرُّكْبَتَيْنِ) هَكَذَا فِي الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ بِلَفْظِ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ

وَفِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ وَالرُّكْبَتَيْنِ بِالْوَاوِ وَهُوَ بِمَعْنَى أَوْ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُضَاجِعُ الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَائِهِ وَهِيَ حَائِضٌ وَيَسْتَمْتِعُ بِهَا إِذَا كَانَ عَلَيْهَا إِزَارٌ يَبْلُغُ أَنْصَافَ فَخِذَيْهَا أَوْ رُكْبَتَيْهَا

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ نُدْبَةُ مَجْهُولَةٌ لَا تُعْرَف أَبُو دَاوُدَ يَرْوِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ طَرِيق اللَّيْثِ فَقَالَ نَدَبَةُ بِفَتْحِ النُّونِ وَالدَّالِ وَمَعْمَرٌ يَرْوِيه يَقُول نُدْبَةُ بِضَمِّ النُّون وَإِسْكَان الدَّال وَيُونُس يَقُول تُدَبَّةُ بِالتَّاءِ الْمَضْمُومَة وَالدَّال الْمَفْتُوحَة وَالْبَاء الْمُشَدَّدَة كُلّهمْ يَرْوِيه عَنْ الزُّهْرِيِّ كَذَلِكَ فَسَقَطَ خَبَر مَيْمُونَةَ

تَمَّ كَلَامه

ولهذا الحديث طريق آخر رواه بن وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بَكِيرٍ عَنْ أَبِيهِ عن كريب مولى بن عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْت مَيْمُونَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْطَجِع مَعِي وَأَنَا حَائِض وَبَيْنِي وَبَيْنه ثَوْب رواه مسلم في الصحيح عن بن السَّرْحِ وَهَارُونَ الْأَيْلِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى ثَلَاثَتهمْ عن بن وَهْبٍ بِهِ

وَأَعَلَّ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ هَذَا أَيْضًا بِعِلَّتَيْنِ إِحْدَاهُمَا أَنَّ مَخْرَمَةَ لَمْ يَسْمَع مِنْ أَبِيهِ وَالثَّانِيَة أَنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ قَالَ فِيهِ مَخْرَمَةُ ضَعِيف لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْءٍ

فَأَمَّا تَعْلِيله حَدِيث نُدْبَةَ بِكَوْنِهَا مَجْهُولَة فَإِنَّهَا مَدَنِيَّة رَوَتْ عَنْ مَوْلَاتهَا مَيْمُونَةَ وَرَوَى عَنْهَا حَبِيبٌ وَلَمْ يَعْلَم أَحَد جَرْحهَا وَالرَّاوِي إِذَا كَانَتْ هَذِهِ حَاله إِنَّمَا يُخْشَى مِنْ تَفَرُّده بِمَا لَا يُتَابَع عَلَيْهِ فَأَمَّا إِذَا رَوَى مَا رَوَاهُ النَّاس وَكَانَتْ لِرِوَايَتِهِ شَوَاهِد وَمُتَابَعَات فَإِنَّ أَئِمَّة الْحَدِيث يَقْبَلُونَ حَدِيث مِثْل هَذَا وَلَا يَرُدُّونَهُ وَلَا يُعَلِّلُونَهُ بِالْجَهَالَةِ فَإِذَا صَارُوا إِلَى مُعَارَضَة مَا رَوَاهُ بِمَا هُوَ أَثْبُت مِنْهُ وَأَشْهَر عَلَّلُوهُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْجَهَالَة وَبِالتَّفَرُّدِ

وَمَنْ تَأَمَّلَ كَلَام الْأَئِمَّة رَأَى فِيهِ ذَلِكَ فَيَظُنّ أَنَّ ذَلِكَ تَنَاقُض مِنْهُمْ وَهُوَ بِمَحْضِ الْعِلْم وَالذَّوْق وَالْوَزْن الْمُسْتَقِيم فَيَجِب التَّنَبُّه لِهَذِهِ النُّكْتَة فَكَثِيرًا مَا تَمُرّ بِك فِي الْأَحَادِيث وَيَقَع الْغَلَط بِسَبَبِهَا

وَأَمَّا مَخْرَمَةُ بْنُ بكير فقد قال أحمد وبن مَعِينٍ إِنَّهُ لَمْ يَسْمَع مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا إِنَّمَا يَرْوِي عَنْ كِتَاب أَبِيهِ وَلَكِنْ قَالَ أَحْمَدُ هُوَ ثِقَة وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيَُّ سَأَلْت إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي أُوَيْسٍ هَذَا الَّذِي يَقُول مَالِكٌ حَدَّثَنِي الثِّقَة مَنْ هُوَ قَالَ مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ بْنِ الْأَشَجِّ

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ فِي ظَهْرِ كِتَاب مَالِكٍ سَأَلْت مَخْرَمَةَ بْنَ بُكَيْرٍ مَا يُحَدِّث بِهِ عَنْ أَبِيهِ سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ فَحَلَفَ لِي وَقَالَ وَرَبِّ هَذَا الْبَيْت يَعْنِي الْمَسْجِد سَمِعْت مِنْ أَبِي وَقَالَ مَالِكٌ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْس وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ كَانَ مِنْ ثِقَات الْمُسْلِمِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>