(تَحْتَجِزُ) تِلْكَ الْمَرْأَةُ (بِهِ) بِالْإِزَارِ
وَهَذِهِ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَالْحَجْزُ الْمَنْعُ وَالْحَاجِزُ الْحَائِلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ أَيْ تَشُدُّ الْإِزَارَ عَلَى وَسَطِهَا لِتَصُونَ الْعَوْرَةَ وَمَا لَا يَحِلُّ مُبَاشَرَتُهُ عَنْ قُرْبَانِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تَنْفَصِلُ مِئْزَرُهَا عَنِ الْعَوْرَةِ
وَيَجِيءُ تَحْقِيقُ الْمَذَاهِبِ وَالْقَوْلِ الْمُحَقَّقِ فِي آخِرِ الْبَابِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
[٢٦٨] (أَنْ تَتَّزِرَ) أَيْ تَشُدَّ إِزَارًا يَسْتُرُ سُرَّتَهَا وَمَا تَحْتَهَا إِلَى الرُّكْبَةِ فَمَا تَحْتَهَا
وَقَوْلُهُ تَتَّزِرُ بِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقَانِيَّةِ
قَالَ الْحَافِظُ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ أَنْ تَأْتَزِرَ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَهِيَ أَفْصَحُ وَيَأْتِي حَدِيثُ عَائِشَةَ أَيْضًا فِي آخِرِ الْبَابِ بِلَفْظِ يَأْمُرُنَا أَنْ نَتَّزِرَ وَهُوَ بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ الفوقانية وأنكره أكثر النحاة وأصله فنئتزر بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَ النُّونِ الْمَفْتُوحَةِ ثُمَّ الْمُثَنَّاةِ الفوقانية على وزن افتعل
قال بن هشام وعوام المحدثين يحرفونه فيقرؤون بِأَلِفٍ وَتَاءٍ مُشَدَّدَةٍ أَيِ اتَّزَرَ وَلَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّهُ افْتَعَلَ فَفَاؤُهُ هَمْزَةٌ سَاكِنَةٌ بَعْدَ النُّونِ الْمَفْتُوحَةِ
وَقَطَعَ الزَّمَخْشَرِيُّ بِخَطَأِ الْإِدْغَامِ
وَقَدْ حاول بن مَالِكٍ جَوَازَهُ وَقَالَ إِنَّهُ مَقْصُورٌ عَلَى السَّمَاعِ كاتكل ومنه قراءة بن محيصن فليؤد الذي اؤتمن بِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَتَاءٍ مُشَدَّدَةٍ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ خَطَأً فَهُوَ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْ عَائِشَةَ فَإِنْ صَحَّ عَنْهَا كَانَ حُجَّةً فِي الْجَوَازِ لِأَنَّهَا مِنْ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ وَحِينَئِذٍ فَلَا خَطَأَ
نَعَمْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ وَحَكَاهُ الصَّغَانِيُّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ
كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالْإِرْشَادِ (ثُمَّ يُضَاجِعُهَا زَوْجُهَا وَقَالَ مَرَّةً يُبَاشِرُهَا)
قَالَ السُّيُوطِيُّ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ انْفَرَدَ الْمُؤَلِّفُ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ بَقِيَّةِ الْأَئِمَّةِ ذِكْرُ الزَّوْجِ فَيَحْتَمِلُ الْوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ أَرَادَتْ بِزَوْجِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَتِ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ وَعَبَّرَتْ عَنْهُ بِالزَّوْجِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ وغَيْرِهِ وَكَانَ يَأْمُرُنِي فَأَتَّزِرَ فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حائض
والآخر أن يكون قولها أو لا يَأْمُرُ إِحْدَانَا لَا مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا إِحْدَى الْمُسْلِمَاتِ وَالْمُرَادُ أَنْ يَأْمُرَ كُلَّ مُسْلِمَةٍ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا أَنْ تَتَّزِرَ ثُمَّ يُبَاشِرَهَا زَوْجُهَا لَكِنْ جَعْلُ الرِّوَايَاتِ مُتَّفِقَةً أَوْلَى وَلَا سِيَّمَا مَعَ اتِّحَادِ الْمَخَرَجِ وَمَعَ أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ هَذَا الْحُكْمُ فِي حَقِّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ ثَبَتَ فِي حَقِّ سَائِرِ النِّسَاءِ
انْتَهَى
فَشُعْبَةُ شَاكٌّ فِيهِ مَرَّةً يَقُولُ ثُمَّ يُضَاجِعُهَا زَوْجُهَا وَمَرَّةً يَقُولُ ثُمَّ يُبَاشِرُهَا
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ بِمَعْنَاهُ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا