الْقَبْضِ بِغَيْرِهِ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ فِي غَيْرِهِ إِلَى مَنْ فِي قَوْلِهِ مَنْ أَسْلَفَ يَعْنِي لَا يَبِيعُهُ مِنْ غَيْرِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ إِلَى شَيْءٍ أَيْ لَا يُبَدَّلُ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِشَيْءٍ آخَرَ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَإِذَا أَسْلَفَهُ دِينَارًا فِي قَفِيزِ حِنْطَةٍ إِلَى شَهْرٍ فَحَلَّ الْأَجَلُ فَأَعْوَزَهُ الْبُرُّ فَإِنَّ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
اِخْتَلَفَ الْفُقَهَاء فِي حُكْم هَذَا الْحَدِيث وَهُوَ جَوَاز أَخْذ غَيْر الْمُسْلَم فِيهِ عِوَضًا عَنْهُ وَلِلْمَسْأَلَةِ صُورَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنْ يُعَاوِض عَنْ الْمُسْلَم فِيهِ مَعَ بَقَاء عَقْد السَّلَم فَيَكُون قَدْ بَاعَ دَيْن السَّلَم قَبْل قَبْضه
وَالصُّورَة الثَّانِيَة أَنْ يَنْفَسِخ الْعَقْد بِإِقَالَةٍ أَوْ غَيْرهَا
فَهَلْ يَجُوز أَنْ يُصْرَف الثَّمَن فِي عِوَض آخَر غَيْر الْمُسْلَم فِيهِ فَأَمَّا الْمَسْأَلَة الْأُولَى فَمَذْهَب الشَّافِعِيّ وَأَبِي حَنِيفَة وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُور عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوز بَيْعه قَبْل قَبْضه لَا لِمَنْ هُوَ فِي ذِمَّته وَلَا لِغَيْرِهِ وَحَكَى بَعْض أَصْحَابنَا ذَلِكَ إِجْمَاعًا
وَلَيْسَ بِإِجْمَاعٍ فَمَذْهَب مَالِك جَوَازه وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَد فِي غَيْر مَوْضِع وَجَوَّزَ أَنْ يَأْخُذ عِوَضه عَرْضًا بِقَدْرِ قِيمَة دَيْن الْمُسْلِم وَقْت الِاعْتِيَاض وَلَا يَرْبَح فِيهِ
وَطَائِفَة مِنْ أَصْحَابنَا خَصَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَة بِالْحِنْطَةِ وَالشَّعِير فَقَطْ كَمَا قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِب وَمَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْء لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذ مِنْ غَيْر جِنْسه بِحَالٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَالْأُخْرَى يَجُوز أَنْ يَأْخُذ مَا دُون الْحِنْطَة مِنْ الْحُبُوب كَالشَّعِيرِ وَنَحْوه بِمِقْدَارِ كَيْل الْحِنْطَة لَا أَكْثَر مِنْهَا وَلَا بِقِيمَتِهَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَة أَبِي طَالِب إِذَا أَسْلَفْت فِي كُرّ حِنْطَة فَأَخَذْت شَعِيرًا فَلَا بَأْس وَهُوَ دُون حَقّك وَلَا يَأْخُذ مَكَان الشَّعِير حِنْطَة
وَطَائِفَة ثَالِثَة مِنْ أَصْحَابنَا جَعَلَتْ الْمَسْأَلَة رِوَايَة وَاحِدَة وَأَنَّ هَذَا النَّصّ بِنَاء عَلَى قَوْله فِي الْحِنْطَة وَالشَّعِير أَنَّهُمَا جِنْس وَاحِد وَهِيَ طَرِيقَة صَاحِب الْمُغْنِي
وَطَائِفَة رَابِعَة مِنْ أَصْحَابنَا حَكَوْا رِوَايَة مُطْلَقَة فِي الْمَكِيل وَالْمَوْزُون وَغَيْره
وَنُصُوص أَحْمَد تَدُلّ عَلَى صِحَّة هَذِهِ الطَّرِيقَة وَهِيَ طَرِيقَة أَبِي حَفْص الطَّبَرِيِّ وَغَيْره
قَالَ الْقَاضِي نَقَلْت مِنْ خَطّ أَبِي حَفْص فِي مَجْمُوعه فَإِنْ كَانَ مَا أَسْلَمَ فِيهِ مِمَّا يُكَال أَوْ يُوزَن فَأَخَذَ مِنْ غَيْر نَوْعه مِثْل كَيْله مِمَّا هُوَ دُونه فِي الْجَوْدَة جَازَ وَكَذَلِكَ إِنْ أَخَذَ بِثَمَنِهِ مِمَّا لَا يُكَال وَلَا يُوزَن كَيْف شَاءَ
وَنَقَلَ أَبُو الْقَاسِم عَنْ أَحْمَد قُلْت لِأَبِي عَبْد اللَّه إِذَا لَمْ يَجِد مَا أَسْلَمَ فِيهِ وَوَجَدَ غَيْره مِنْ جِنْسه