أَبَا حَنِيفَةَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ عَرَضًا بِالدِّينَارِ وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِرَأْسِ الْمَالِ عَلَيْهِ قَوْلًا بِعُمُومِ الْخَبَرِ وَظَاهِرِهِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِي مِنْهُ عَرَضًا بِالدِّينَارِ إِذَا تَقَايَلَا وَقَبَضَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ لِئَلَّا يَكُونَ دَيْنًا بِدَيْنٍ فَأَمَّا قَبْلَ الْإِقَالَةِ فَلَا يَجُوزُ وَهُوَ مَعْنَى النَّهْيِ عَنْ صَرْفِ السَّلَفِ إِلَى
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
أَيَأْخُذُهُ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَانَ دُون الشَّيْء الَّذِي لَهُ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي قَفِيز حنطة موصلي فقال آخذ مكانه شلبيا أَوْ قَفِيز شَعِير فَكَيْلَته وَاحِدَة لَا يَزْدَاد وَإِنْ كَانَ فَوْقه فَلَا يَأْخُذ وَذَكَرَ حَدِيث بن عباس رواه طاووس عَنْهُ إِذَا أَسْلَمْت فِي شَيْء فَجَاءَ الْأَجَل فَلَمْ تَجِد الَّذِي أَسْلَمْت فِيهِ فَخُذْ عِوَضًا بِأَنْقَص مِنْهُ وَلَا تَرْبَح مَرَّتَيْنِ
وَنَقَلَ أَحْمَد بْن أَصْرَم سُئِلَ أَحْمَد عَنْ رَجُل أَسْلَمَ فِي طَعَام إِلَى أَجَل فَإِذَا حَلَّ الْأَجَل يَشْتَرِي مِنْهُ عَقَارًا أَوْ دَارًا فَقَالَ نَعَمْ يَشْتَرِي مِنْهُ مَا لَا يُكَال وَلَا يُوزَن
وَقَالَ حَرْب سَأَلْت أَحْمَد فَقُلْت رَجُل أَسْلَمَ إِلَى رَجُل دَرَاهِم فِي بُرّ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَل لَمْ يَكُنْ عِنْده بُرّ فَقَالَ قَوِّمْ الشَّعِير بِالدَّرَاهِمِ فَخُذْ مِنْ الشَّعِير فَقَالَ لَا يَأْخُذ مِنْهُ الشَّعِير إِلَّا مِثْل كَيْل الْبُرّ أَوْ أَنْقَص
قُلْت إِذَا كَانَ الْبُرّ عَشَرَة أَجْرِبَة يَأْخُذ الشَّعِير عَشَرَة أَجْرِبَة قَالَ نَعَمْ
إِذَا عُرِفَ هَذَا فَاحْتَجَّ الْمَانِعُونَ بِوُجُوهٍ
أَحَدهَا الحديث
والثاني نهي النبي عَنْ بَيْع الطَّعَام قَبْل قَبْضه
وَالثَّالِث نَهْيه عَنْ رِبْح مَا لَمْ يُضْمَن وَهَذَا غَيْر مَضْمُون عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي ذِمَّة الْمُسْلَم إِلَيْهِ
وَالرَّابِع أَنَّ هَذَا الْمَبِيع مَضْمُون لَهُ عَلَى الْمُسْلَم إِلَيْهِ فَلَوْ جَوَّزْنَا بَيْعه صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي فَيَتَوَالَى فِي الْمَبِيع ضَمَانَانِ
الْخَامِس أَنَّ هَذَا إِجْمَاع كَمَا تَقَدَّمَ
هَذَا جُمْلَة مَا اِحْتَجُّوا بِهِ
قَالَ الْمُجَوِّزُونَ الصَّوَاب جَوَاز هَذَا الْعَقْد
وَالْكَلَام مَعَكُمْ فِي مَقَامَيْنِ
أَحَدهمَا فِي الِاسْتِدْلَال عَلَى جَوَازه
وَالثَّانِي فِي الْجَوَاب عَمَّا اِسْتَدْلَلْتُمْ بِهِ عَلَى الْمَنْع
فَأَمَّا الْأَوَّل فنقول قال بن المنذر ثبت عن بن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ إِذَا أَسْلَفْت فِي شَيْء إِلَى أَجَل فَإِنْ أَخَذْت مَا أَسْلَفْت فِيهِ وَإِلَّا فَخُذْ عِوَضًا أَنْقَص مِنْهُ وَلَا تَرْبَح مَرَّتَيْنِ رَوَاهُ شُعْبَة
فَهَذَا قَوْل صَحَابِيّ وَهُوَ حُجَّة مَا لَمْ يُخَالَف
قَالُوا وَأَيْضًا فَلَوْ اِمْتَنَعَتْ الْمُعَاوَضَة عَلَيْهِ لَكَانَ ذَلِكَ لِأَجْلِ كَوْنه مَبِيعًا لَمْ يَتَّصِل بِهِ الْقَبْض وَقَدْ ثَبَتَ