للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَحْمَدَ بِلَفْظِ إِذَا اشْتَرَيْتَ شَيْئًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ فَإِنَّهُمَا بِعُمُومِهِمَا يَشْمَلَانِ الطَّعَامَ وَغَيْرَهُ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

أَحَدهَا حَدِيث حَكِيم بْن حِزَام قُلْت يَا رَسُول اللَّه إِنِّي أَبْتَاع هَذِهِ الْبُيُوع فَمَا يحل لي منها وما يحرم علي قال ياابن أَخِي لَا تَبِعْ شَيْئًا حَتَّى تَقْبِضهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْكَلَام عَلَيْهِ

الثَّانِي مَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْبَاب مِنْ حَدِيث زَيْد بْن ثابت نهى رسول الله أَنْ تُبَاع السِّلَع حَيْثُ تُبْتَاع وَإِنْ كَانَ فِيهِ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فَهُوَ الثِّقَة الصَّدُوق

وَقَدْ اِسْتَوْفَيْنَا الْكَلَام عَلَيْهِ فِي الرَّدّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ مِنْ هَذَا الْكِتَاب

فَإِنْ قِيلَ الْأَحَادِيث كُلّهَا مُقَيَّدَة بِالطَّعَامِ سِوَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فَإِنَّهُمَا مُطْلَقَانِ أَوْ عَامَّانِ

وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَنُقَيِّدهُمَا بِأَحَادِيث الطعام أو نخصمها بِمَفْهُومِهَا جَمْعًا بَيْن الْأَدِلَّة وَإِلَّا لَزِمَ إِلْغَاء وَصْف الْحُكْم وَقَدْ عُلِّقَ بِهِ الْحُكْم

قِيلَ عَنْ هَذَا جَوَابَانِ أَحَدهمَا أَنَّ ثُبُوت الْمَنْع فِي الطَّعَام بِالنَّصِّ وَفِي غَيْره إِمَّا بِقِيَاسِ النظير كما صح عن بن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ وَلَا أَحْسِب كُلّ شَيْء إِلَّا بِمَنْزِلَةِ الطَّعَام أَوْ بِقِيَاسِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ إِذَا نَهَى عَنْ بَيْع الطَّعَام قَبْل قَبْضه مَعَ كَثْرَة الْحَاجَة إِلَيْهِ وَعُمُومهَا فَغَيْر الطَّعَام بِطَرِيقِ الْأَوْلَى

وَهَذَا مَسْلَك الشَّافِعِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ

الجواب الثاني أن اختصاص الطعام بالمنع إنما هُوَ مُسْتَفَاد مِنْ مَفْهُوم اللَّقَب وَهُوَ لَوْ تَجَرَّدَ لَمْ يَكُنْ حُجَّة فَكَيْف وَقَدْ عَارَضَهُ عُمُوم الْأَحَادِيث الْمُصَرِّحَة بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا وَالْقِيَاس الْمَذْكُور حَتَّى لَوْ لَمْ تَرِد النُّصُوص الْعَامَّة لَكَانَ قِيَاسه عَلَى الطَّعَام دَلِيلًا عَلَى الْمَنْع وَالْقِيَاس فِي هَذَا يُمْكِن تَقْدِيره مِنْ طَرِيقَيْنِ

أَحَدهمَا قِيَاس بِإِبْدَاءِ الْجَامِع ثُمَّ لِلْمُتَكَلِّمِينَ فِيهِ طَرِيقَانِ

أَحَدهمَا أَنَّهُ قِيَاس تَسْوِيَة

وَالثَّانِي أَنَّهُ قِيَاس أَوْلَوِيَّة

وَالثَّانِي مِنْ الطَّرِيقَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ قِيَاس بِإِلْغَاءِ الْفَارِق فَإِنَّهُ لَا فَارِق بَيْن الطَّعَام وَغَيْره فِي ذَلِكَ إِلَّا مَا لَا يَقْتَضِي الْحُكْم وُجُودًا وَلَا عَدَمًا فَافْتِرَاق الْمَجْلِس فِيهَا عَدِيم التَّأْثِير

يُوَضِّحهُ أَنَّ الْمَسَالِك الَّتِي اِقْتَضَتْ الْمَنْع مِنْ بَيْع الطَّعَام قَبْل قَبْضه مَوْجُودَة بِعَيْنِهَا فِي غَيْره كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه

قَالَ الْمُخَصِّصُونَ لِلْمَنْعِ تَعْلِيق النَّهْي عَنْ ذَلِكَ الطَّعَام يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْعِلَّة لِأَنَّ الْحُكْم لَوْ تَعَلَّقَ بِالْأَعَمِّ لَكَانَ الْأَخَصّ عَدِيم التَّأْثِير فَكَيْف يَكُون الْمَنْع عَامًّا فَيُعَلِّقهُ الشَّارِع بِالْخَاصِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>